وقد علم بالاضطرار أن أحداً من الصحابة والتابعين لهم بإحسان لم ينطق بإثبات الجوهر الفرد، ولا بما يدل على ثبوته عنده، بل ولا العرب قبلهم، ولا سائر الأمم الباقين على الفطرة1، ولا اتباع الرسل، فكيف يدعى عليهم أنهم لم يقولوا لفظ الجسم إلا لما كان مركباً مؤلفاً، ولو قلت لمن شئت من العرب: الشمس والقمر والسماء مركب عندك من أجزاء صغار، كل منها لا يقبل التجزي، أو الجبال أو الهواء2، أو الحيوان والنبات. لم يتصور هذا المعنى إلا بكلفة، ثم إذا تصور قد يكذب بفطرته، ويقول: كيف يمكن أن يكون شيء لا يتميز منه جانب عن جانب.
وأكثر العقلاء من طوائف المسلمين وغيرهم ينكرون الجوهر الفرد، والفقهاء قاطبة تنكره، وكذلك أهل الحديث والتصوف. ثم ذكر كلاماً في استحالة بعض الأجسام إلى بعض، ثم ذكر بعد ذلك ما يراد بالجسم في لغة العرب، وأنهم إنما يريدون بقولهم هذا أجسم من هذا، أي أغلظ وأعظم منه، ونفى أن يكون ذلك لزيادة الأجزاء، ثم قال:
فقد تبين أن من قال: الجسم هو المؤلف والمركب، واعتقد أن الأجسام مركبة من الجواهر المنفردة فقد ادعى