فإذا قيل: هذا أعلم أو أسلم، كان ذلك دالاً على الفضيلة فيما دل عليه لفظ العلم والحلم، فلما قالوا: أجسم لما كان أكثر أجزاء، دل على أن لفظ الجسم عندهم المراد به المركب، فمن قال: جسم وليس مركب، فقد خرج من لغة العرب. قالوا: وهذه تخطئة في اللفظ، وإن كنا لا نكفره إذا لم يثبت خصائص الجسم من التركيب والتأليف، وقد نازعهم بعضهم في قولهم: هذا أجسم من هذا. وقالوا: ليس هذا اللفظ من لغة العرب كما يحكى عن ابن زيد. فيقال له: لا ريب أن العرب تقول هذا جسيم، أي عظيم الجثة، وهذا الجسم من هذا، أي أعظم جثة، لكن كون العرب تعتقد أن ذلك لكثرة الأجزاء التي هي الجواهر المفردة، إنما يكون إذا كان أهل اللغة قاطبة يعتقدون أن الجسم مركب من الجواهر المنفردة، والجوهر الفرد هو شيء قد بلغ من الصغر والحقارة إلى أنه لا يتميز يمينه من يساره، ومعلوم أن أكثر العقلاء من بني آدم لا يتصور الجوهر الفرد، والذين يتصورونه أكثرهم لا يثبتونه، والذين أثبتوه إنما أثبتوه بطريقة خفية، طويلة بعيدة، فيمتنع أن يكون اللفظ1 الشائع في الغة التي ينطق بها خواصها وعوامها أرادوا به هذا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015