المسلمين أن ينهضوا لقتالهم، فوجدوهم قد هجموا على المدينة، ودخلوها، وأخرجوا من كان بها من أهل نجد وعسير، فحج المسلمون تلك السنة، فأقبل ذلك العسكر ونزل رابغ، ونزل المسلمون وادي فاطمة، فخان لهم شريف مكة، وضمهم إليه، وجاءوا مع الخبيث على غفلة من المسلمين، فعلم المسلمون أنه لا مقام لهم مع ما جرى من الخيانة، فرجعوا إلى أوطانهم، فخاف عثمان وهو بالطائف أن يكون الحرب منهم ومن الشريف عليه لما يعلم من شدة عداوتهم فخرج بأهله وترك لهم الطائف أيضاً مخافة أن يجتمعوا على حربه، وليس معه إلا القليل من عشيرته، ولا يأمن أهل الطائف أيضاً، فنزل المسلمون بتربة بعد ذلك نحوا من شهر، ثم رجعوا حين أكلوا ما معهم من الزاد، فجرى بعد ذلك وقعات بينهم وبين المسلمين، ولا فائدة في الإطالة بذكرها، والمقصود أن استيلاءهم على المدينة ومكة والطائف كان بأسباب قدّرها الملك الغلاب.

فيريك عزته ويبدي لطفه ... والعبد في الغفلات عن ذا الشان

وفيها من العبر أن الله أبطل كيد العدو، وحمى الحوزة، وعافى المسلمين من شرهم، وصار المسلمون يغزونهم فيما قرب من المدينة ومكة في نحو من ثلاث سنين أو أربع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015