صوفية الشيخونية وطلبة الْمدرسَة الْمُجَاورَة للشَّافِعِيّ، وناب فِي الحكم بِالْقَاهِرَةِ وَغَيرهَا من ضواحيها كسرياقوس، وَكَانَ الصَّدْر الْمَنَاوِيّ يعظمه لكَونه فِيمَا قيل قَرَأَ عَلَيْهِ وَبَلغنِي أَنه جلس بِمَجْلِس ميدان الْقَمْح وقتا وَأَنه توجه قَاضِيا مَعَ الْمحمل مرَارًا وَشرح ألفية ابْن مَالك وَحكى لي بعض الآخذين عَنهُ أَنه هم بالاشتغال بالْمَنْطق لِكَثْرَة مُعَارضَة من يبْحَث مَعَه فِيهِ وَقصد استشارة بعض الصَّالِحين فِي ذَلِك فَأخذ الشمسية فِي كمه وَتوجه للشَّيْخ شُعَيْب الحريفيش وَكَانَ باليانسية فبمجرد أَن رَآهُ قَالَ من الله علينا بكتابه الْعَزِيز وبالفقه والنحو وَالْأُصُول وَغير ذَلِك فَمَا لنا وللمنطق وكررها فَرجع عَمَّا كَانَ هم بِهِ وعد ذَلِك فِي كراماتهما، وَكَذَا مِمَّا عد فِي كَرَامَة الصَّدْر أَنه كَانَ يَجِيء لحضور الشيخونية فَينزل عَن بغلته وَلَيْسَ مَعَه من يمْسِكهَا لَهُ فَتوجه إِلَى الرميلة فتقمقم مِمَّا ترَاهُ هُنَاكَ ثمَّ ترجع عِنْد فرَاغ الْحُضُور سَوَاء وَقد أَخذ عَنهُ غير وَاحِد من الْأَئِمَّة كشيخنا، وَقَالَ قَرَأت عَلَيْهِ شَيْئا من الْعلم فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَبعد ذَلِك قَرَأَ عَلَيْهِ وَسمع من لَفظه أَشْيَاء وَالْجمال الزيتوني والزين رضوَان والتاج عبد الْوَاحِد السرياقوسي، وَقَرَأَ عَلَيْهِ التَّاج الْمَيْمُونِيّ الشاطبية، وجود عَلَيْهِ الْقُرْآن الْجمال القمصي، ونبأ بِكَثِير من أَحْوَاله بل أنشدنا أَنه أنْشدهُ قَوْله لما أُعِيد الْجلَال البُلْقِينِيّ إِلَى الْقَضَاء فِي أَيَّام النَّاصِر:

(لله حمد مدى الْأَزْمَان مَوْجُود ... عَاد الإِمَام لنا وَالْعود مَحْمُود)

(جلال دين الْهدى لَا زَالَ فِي دعة ... لَهُ من الله إقبال وتأييد)

اخْتَارَهُ الْملك السُّلْطَان ناصرنا

(يَرْجُو سُلَيْمَان الابشيطي ناظمها ... أَن لَا يكون محبا وَهُوَ مطرود)

وَكَذَا أَنْشدني الصَّدْر مَحْمُود الشيشيني لَهُ قصيدة فِي مَرْزُوق الْفِيل لما سَقَطت بِهِ القنطرة ذكرتها فِي تَرْجَمته بل أوردت لصَاحب التَّرْجَمَة خطْبَة فِي إِجَازَته بعض من قَرَأَ عَلَيْهِ الْعَرَبيَّة فِي تاريخي الْكَبِير وأشرت لذَلِك فِي تَرْجَمَة الْجمال عبد الله بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن الرُّومِي من معجمي، وَقد عجز بِأخرَة وانهرم وَتغَير قَلِيلا، سِيمَا وَقد سقط قبل مَوته فَانْكَسَرت رجله بِحَيْثُ)

صَار لَا يمشي إِلَّا على عكاز مَعَ استحضاره جيدا، وَمَات فِي سنة إِحْدَى عشرَة وَقد جَازَ الثَّمَانِينَ وَأوصى أَن يحمل نعشه إِلَى قبَّة الإِمَام الشَّافِعِي فَفعل بِهِ ذَلِك، وَوضع عِنْد رَأس الإِمَام ثمَّ توجهوا بِهِ إِلَى مَحل دَفنه فِي تِلْكَ الْجِهَة وَذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه، وَقَالَ إِنَّه كَانَ ماهرا فِي أصُول الْفِقْه والعربية وَالْفِقْه والآداب والخط وحصلت لَهُ غَفلَة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015