الْمُؤَيد نظر الْجَيْش لما خرج لقِتَال نوروز ثمَّ أَعَادَهُ إِلَى الْقَضَاء مُضَافا لَهُ ثمَّ انْفَصل عَن الْجَيْش بعد مُبَاشَرَته لَهُ سِتّ سِنِين وَثلث سنة ثمَّ عَن الْقَضَاء بعد ثَلَاث عشرَة سنة وَثَمَانِية أشهر فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ ثمَّ أُعِيد لَهُ فِي رَمَضَان سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَهِي الْولَايَة السَّادِسَة وَاسْتمرّ حَتَّى مَاتَ وَعين لكتابة سر مصر، وَكَانَ جريئا مقداما شَدِيد الرَّأْي، قَالَ التقي بن قَاضِي شُهْبَة حكى لي أَنه غرم من سلطنه الْمُؤَيد إِلَى سلطنة ططر سبعين ألف دِينَار وَبعد ذَلِك أَمْوَالًا كَثِيرَة وَكَانَ يُقَال أَن ذَلِك مِمَّا صَار إِلَيْهِ وَإِلَى أَبِيه من الْأَمْوَال فِي أَيَّام التتار بِحَيْثُ أَنه قَالَ فِي مرض مَوته مَا ملك فَقِيه فِي زماني من النَّقْد مَا ملكت وَملك مِائَتي مَمْلُوك ومائتي جَارِيَة وَكَانَ بِيَدِهِ غَالب مدارس الْحَنَفِيَّة تداريس وأنظارا من عَامر وخراب ثمَّ إِن القَاضِي شمس الدّين الصَّفَدِي انتزع مِنْهُ تدريس القصاعين والصادرية فَلَمَّا عزل استعادهما، قَالَ شَيخنَا فِي أنبائه انْتَهَت إِلَيْهِ رياسة أهل الشَّام فِي زَمَانه، وَكَانَ شهما قوي النَّفس يستحضر الْكثير من الْأَحْكَام، ولي قَضَاء الْحَنَفِيَّة بِدِمَشْق اسْتِقْلَالا مُدَّة ثمَّ أضيف إِلَيْهِ نظر الْجَيْش فِي الدولة المؤيدية وَبعدهَا ثمَّ صرف عَنْهُمَا مَعًا ثمَّ أُعِيد للْقَضَاء وَعين لكتابة السِّرّ بِمصْر بعد الشهَاب بن السفاح فَاعْتَذر بعسر الْبَوْل وَكَانَت بَينه وَبَين النَّجْم بن حجي معاداة فَكَانَ كل مِنْهُمَا يُبَالغ فِي الآخر غير أَن هَذَا أَجود.
مَاتَ بِدِمَشْق فِي ربيع الأول سنة سبع وَثَلَاثِينَ عَن بضع وَخمسين سنة وأرخة شَيخنَا فِي صفر الاول. أصح وَهُوَ من بَيت شهير بِالْعلمِ والرياسة. ولد بِدِمَشْق وَنَشَأ بهَا فاشتغل بالفقه وَغَيره وَصَارَ رَئِيس الشَّام بِلَا مدافع مَعَ ثروة زَائِدَة وَفضل وأفضال، وَقد وَصفه شَيخنَا فِي تَرْجَمَة أَبِيه برئيس الشَّام، وَقَالَ ابْن قَاضِي شُهْبَة أَنه لم يكن وَلَا أحد من نوابه يتعاطى فِي الْقَضَاء شَيْئا مَعَ كَثْرَة المداراة قَالَ وَكَانَ يتَكَلَّم فِي الْعلم جيدا ويستحضر جملَة من التَّارِيخ.
620 - أَحْمد بن مَحْمُود بن عبد السَّلَام بن مَحْمُود الشهَاب الْعَدوي نِسْبَة لأبي البركات بن مُسَافر أخي عدي البقاعي البيتفاري بِفَتْح الْمُوَحدَة ثمَّ تَحْتَانِيَّة ثمَّ فوقانية وَفَاء وَقبل يَاء النِّسْبَة رَاء نِسْبَة إِلَى بَيت فار من الْبِقَاع الشَّافِعِي خطيب صرفند وَالِد الشَّمْس مُحَمَّد الْآتِي وَيعرف بالشهاب الْعَدوي. / ولد فِي جُمَادَى الأولى أَو الْآخِرَة سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة بصرفند من عمل صيدا وَنَقله أَخُوهُ الزين عبد السَّلَام إِلَى دمشق صَغِيرا فَقَرَأَ بهَا الْقُرْآن وتلاه لأبي عَمْرو على الشهَاب بن عَيَّاش واشتغل بالفقه على الشهب الْغَزِّي ووالد رَضِي الدّين وَابْن نشوان وَالزهْرِيّ وَسمع على عَائِشَة ابْنة ابْن عبد الْهَادِي وَحج مرَارًا أَولهَا فِي سنة إِحْدَى عشرَة وَولي