وبالقدس من الْبَيَانِي وَغَيره، وَقدم الْقَاهِرَة غير مرّة وَاسْتقر فِي قَضَاء الكرك بعد أَبِيه وَكَانَ كَبِير الْقدر فِيهِ محببا إِلَى أَهله بِحَيْثُ أَنهم لم يَكُونُوا يصدرون إِلَّا عَن رَأْيه فَلَمَّا سجن الظَّاهِر برقوق بِهِ قَامَ هُوَ وَأَخُوهُ فِي خدمته ومساعدته ومعاونته فَلَمَّا خرج وصلا مَعَه إِلَى دمشق فحفظ لَهما ذَلِك فَلَمَّا تمكن أحضرهما إِلَى الْقَاهِرَة وَاسْتقر بِهَذَا فِي قَضَاء الشَّافِعِيَّة وبأخيه فِي كِتَابَة السِّرّ وَذَلِكَ فِي رَجَب سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين فباشر بِحرْمَة ونزاهة وصيانة وَدخل مَعَه حلب واستكثر فِي ولَايَته من النواب وشدد فِي رد الرسائل وتصلب فِي الْأَحْكَام فتمالأ عَلَيْهِ أهل الدولة وألبوا حَتَّى عزل فِي أَوَاخِر سنة أَربع وَتِسْعين بالصدر الْمَنَاوِيّ وَأبقى السُّلْطَان مَعَه تدريس الْفِقْه بالصلاحية الْمُجَاورَة للشَّافِعِيّ والْحَدِيث بِجَامِع طولون وَنظر وقف الصَّالح بَين القصرين مَعَ درس الْفِقْه وَاسْتمرّ إِلَى أَن أشغرت الخطابة بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى وتدريس الصلاحية هُنَاكَ فاستقر بِهِ فيهمَا وَذَلِكَ فِي سنة تسع وَتِسْعين فَتوجه إِلَى الْقُدس وباشرهما وانجمع عَن النَّاس وَأَقْبل على الْعِبَادَة والتلاوة حَتَّى مَاتَ فِي سَابِع عشر أَو يَوْم الْجُمُعَة سَابِع عشْرين ربيع الأول سنة إِحْدَى بعد أَن رغب فِي مرض مَوته عَن الخطابة لوَلَده الشّرف عِيسَى وَلَكِن لم يتم لَهُ، وَكَانَ سَاكِنا كث اللِّحْيَة أثنى عَلَيْهِ ابْن خطيب الناصرية، وَنقل شَيخنَا عَن التقي المقريزي أَنه حلف لَهُ أَنه مَا تنَاول بِبَلَدِهِ وَلَا بالديار المصرية فِي الْقَضَاء رشوة وَلَا تعمد حكما بباطل انْتهى، والمقريزي مِمَّن طول تَرْجَمته فِي عقوده وَهُوَ أول من كتب لَهُ من الْقُضَاة عَن السُّلْطَان الجناب العالي بعد أَن كَانَ يكْتب لَهُم الْمجْلس وَذَلِكَ بعناية أَخِيه كَاتب السِّرّ فَإِنَّهُ اسْتَأْذن لَهُ السُّلْطَان بذلك وَاسْتمرّ لمن بعده وَقد كَانَت لَفْظَة الْمجْلس فِي غَايَة الرّفْعَة للمخاطب بهَا فِي الدولة الفاطمية ثمَّ انعكس ذَلِك فِي الدولة التركية وَصَارَ الجناب أرفع رُتْبَة عَن الْمجْلس وَلذَا وَقع التَّغْيِير. أَفَادَهُ شَيخنَا فِي إنبائه وَقَالَ إِنَّه حدث بِبَلَدِهِ قَدِيما وَلما قدم الْقَاهِرَة قَاضِيا خرج لَهُ الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ مشيخة سَمعهَا عَلَيْهِ شَيخنَا بل قَرَأَ بَعْضهَا وَكَذَا سمع عَلَيْهِ غير وَاحِد مِمَّن أَخذنَا عَنهُ.
181 - أَحْمد بن عِيسَى بن مُوسَى بن قُرَيْش الشهَاب الْقرشِي الْهَاشِمِي الْمَكِّيّ الشَّافِعِي وَالِد الزين عبد
الْوَاحِد الْآتِي. / نَشأ بِمَكَّة وَبهَا ولد فحفظ الْقُرْآن وَقَرَأَ فِي التَّنْبِيه وتلا بِالْقُرْآنِ على ابْن عَيَّاش والكيلاني وَسمع على الزين المراغي فِي سنة