معجمي والوفيات وذيل الْقُضَاة بل وأفردت لَهُ تَرْجَمَة حافلة لَا تَقِيّ بِبَعْض أَحْوَاله فِي مُجَلد ضخم أَو مجلدين كتبهَا الْأَئِمَّة عني وانتشرت نسخهَا وَحدثت بهَا الأكابر غير مرّة بِكُل من مَكَّة والقاهرة وَأَرْجُو كَمَا شهد بِهِ غير وَاحِد أَن تكون غَايَة فِي بَابهَا سميتها الْجَوَاهِر والدرر. وَقد قَرَأت عَلَيْهِ الْكثير جدا من تصانيفه ومروياته بِحَيْثُ لَا أعلم من شاركني فِي
مجموعها وَكَانَ رَحمَه الله يودني كثيرا وينوه بذكرى فِي غيبتي مَعَ صغر سني حَتَّى قَالَ لَيْسَ فِي جماعتي مثله وَكتب لي على عدَّة من تصانيفي وَأذن لي فِي الإقراء والإفادة بِخَطِّهِ وَأَمرَنِي بتخريج حَدِيث ثمَّ أملاه. وَلم يزل على جلالته وعظمته فِي النُّفُوس ومداومته على أَنْوَاع الْخيرَات إِلَى أَن توفّي فِي أَوَاخِر ذِي الْحجَّة سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَكَانَ لَهُ مشْهد لم ير من حَضَره من الشُّيُوخ فضلا عَمَّن دونهم مثله وَشهد أَمِير الْمُؤمنِينَ وَالسُّلْطَان فَمن دونهمَا الصَّلَاة عَلَيْهِ وَقدم السُّلْطَان الْخَلِيفَة للصَّلَاة وَدفن تجاه تربة الديلمي بالقرافة وتزاحم الْأُمَرَاء والأكابر على حمل نعشه وَمَشى إِلَى تربته من لم يمش نصف مسافتها قطّ، وَلم يخلف بعده فِي مَجْمُوعه مثله. ورثاه غير وَاحِد بِمَا مقَامه أجل مِنْهُ رَحمَه الله وإيانا. وَمن نظمه مِمَّا قرأته عَلَيْهِ وأنشدنيه لفظا:
(خليلي ولى الْعُمر منا وَلم نتب ... وننوي فعال الصَّالِحَات وَلَكنَّا)
(فحتى مَتى نَبْنِي بُيُوتًا مشيدة ... وأعمارنا منا تهد وَمَا تبنى)
وَقَوله:
(لقد آن أَن نتقي خَالِقًا ... إِلَيْهِ المآب وَمِنْه النشور)
(فَنحْن لصرف الردى مالنا ... جَمِيعًا من الْمَوْت واق نصير)
وَقَوله:
(سِيرُوا بِنَا لمتاب ... إِن الزَّمَان يسير)
(إِن الدَّار الْبلَاء مَا ... لنا مجير نضير)
وَقَوله:
(أخي لَا تسوف بالمتاب فقد أَتَى ... نَذِير مشيب لَا يُفَارِقهُ الْهم)
(وَإِن فَتى من عمره أَرْبَعُونَ قد ... مَضَت مَعَ ثَلَاث عدهَا عمر جم)
105 - أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الْوَهَّاب بن أبي بكر بن يفتح الله الشهَاب بن النُّور السكندري الْمَالِكِي وَيعرف بِابْن يفتح الله. / مَاتَ بِمَكَّة وَكَانَ مجاورا بهَا فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ سَابِع عشري جُمَادَى الأولى سنة إِحْدَى وَسبعين بعد أَن تعلل مُدَّة وَدفن من الْغَد جوَار قبر أَبِيه، وَكَانَ ظريفا خَفِيف الرّوح وَلم يسْلك مسالك أَبِيه وَقد استنابه الْبَدْر بن المخلطة فِي الْقَضَاء بالاسكندرية وَمَا حمد لَهُ ذَلِك سامحه الله وإيانا.