يَوْم الْجُمُعَة سادس)

رَمَضَان سنة أَرْبَعِينَ بعد أَن تمرض نَحْو خَمْسَة أشهر بالفالج وَغَيره وَفِيه يَقُول بعض الشُّعَرَاء:

(إِن الحلاوي لم يصحب أَخا ثِقَة ... إِلَّا محا شومه مِنْهُ محاسنهم)

(السعد وَالْفَخْر والطوخي لازمهم ... فَأَصْبحُوا لَا ترى إِلَّا مساكنهم)

فالأولان ابْنا غراب والوزير الْبَدْر الطوخي زَاد شَيخنَا:

(وَابْن الْكوز وَعَن قرب أَخُوهُ ثوى ... والبدر والنجم رب اجْعَلْهُ ثامنهم)

هما ابْن الكويز الْعلم دَاوُد وَالصَّلَاح خَلِيل والبدر حسن بن الْمُحب المشير والنجم بن حجي.

وللشمس الدجوي الشَّاعِر فِيهِ أهاج مِنْهَا قَوْله:

(ظن الحلاوي جهلا أَن لحيته ... تغنيه فِي مجْلِس الْإِفْتَاء وَالنَّظَر)

(وأشعريتها طولا قد اعتزلت ... بِالْعرضِ باحثة فِي مَذْهَب الْقدر)

وَقد سبق فَقيل:

(إِن كَانَ بطول اللِّحْيَة يسْتَوْجب القضا ... فالتيس عدل مرتضى)

293 - مُحَمَّد بن يُوسُف بن بهادر نَاصِر الدّين أَبُو عبد الله الأياسي بِكَسْر أَوله ثمَّ تَحْتَانِيَّة نِسْبَة لمعتق جده إِيَاس الْغَزِّي الْحَنَفِيّ الصُّوفِي. / ولد بغزة سنة ثَمَان وَخمسين وَسَبْعمائة تَقْرِيبًا وَكَانَ يَقُول لَا أعلم تَعْيِينه إِلَّا أَن الْفَقِيه عَليّ بن قيس قَالَ لي حج والدك سنة تسع وَخمسين فَولدت فِيهَا قَالَ وَأَنا أعرف أَن مولدِي فِي سنة حج وَالِدي وَإِنَّمَا اسْتَفَدْت تعْيين السّنة من ابْن قيس، وَنَشَأ بهَا وَسمع فِيمَا أخبر بعد الثَّمَانِينَ على قاضيها الْعَلَاء أبي الْحسن عَليّ بن خلف الصَّحِيحَيْنِ والموطأ والشفا بجامعها الْعَتِيق الْعمريّ وَأخذ عَن ابْن زقاعة فِي النَّحْو وَغَيره وَصَحب الشَّمْس العيزري وانتفع بِهِ وَحمل عَنهُ من نظمه وتصانيفه وَغير ذَلِك وَقدم عَلَيْهِم غَزَّة قَاضِيا الْمُوفق الرُّومِي الْحَنَفِيّ تلميذ أكمل الدّين فلازمه فِي الْفِقْه حَتَّى أَخذ عَنهُ الْكَنْز وَغَيره وَفِي الْعَرَبيَّة، وَكَذَا أَخذ الْفِقْه أَيْضا عَن خير الدّين خَلِيل الرُّومِي الْحَنَفِيّ قَاضِي الْقُدس وبرع فِي الْعَرَبيَّة وَالْفِقْه وأجاد الرَّمْي وَغَيره من أَنْوَاع الفروسية، وَكتب حَوَاشِي على الشَّامِل لِابْنِ الْعِزّ وَغَيره بل شرى نظم الزّبد لِابْنِ رسْلَان، وتصدى للإقراء فَانْتَفع بِهِ الْفُضَلَاء خلفا عَن سلف مَعَ زهده وصلاحه وانجماعه عَن النَّاس وتواضعه مَعَ وجاهته وجلالته عِنْد نواب بَلَده وَغَيرهم وَكَونه لم يُغير زِيّ التّرْك فِي ضيق أكمامه وثيابه وَأما عمَامَته فَكَانَت بمئزر وَلها)

عذبة على طَرِيق الصُّوفِيَّة وَمكث أَرْبَعِينَ سنة فأزيد مَا مس بِيَدِهِ درهما وَلَا دِينَارا وَلَا فكر فِي معيشته بل جهاته تحمل لزوجته فتتولى الْإِنْفَاق. وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ الحسام بن بريطع وَالشَّمْس بن المغربي القَاضِي وَقَالَ أَنه أنْشد عَنهُ من نظمه:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015