أَبُو الْفضل المغربي حِين قدم الشَّام وَالشَّمْس إِذْ ذَاك بهَا الْأَخْذ عَنهُ فَامْتنعَ مُعَللا ذَلِك بِأَنَّهُ لم ير عِنْده أدبا وَكَانَ يقرئ مرّة فِي الْكَلَام فَدخل عَلَيْهِ بعض من لَا يَثِق بفهمه وَدينه فَقطع الْقِرَاءَة حَتَّى انْصَرف وَعلل ذَلِك بِأَنَّهُ قد يفهم الْأَمر على غير وَجهه وَيشْهد علينا بِمَا يَقْتَضِي أمرا مهولا، وَلما مَاتَ الشّرف السُّبْكِيّ قرر فِي تدريس الْفِقْه بالطيبرسية فعورض بالولوي الأسيوطي وتألم الشَّيْخ لذَلِك وَلذَا فِيمَا أَظن لما عينت لَهُ مشيخة الباسطية بِالْقَاهِرَةِ مَعَ كَونه سكنها أَبى، وَكَذَا امْتنع من تدريس التَّفْسِير بالمنصورية حِين عين لَهُ عقب شَيخنَا فِيمَا قيل مَعَ حُضُور أبي الْخَيْر النّحاس إِلَيْهِ بذكل وَعرض عَلَيْهِ أَن يكون لَهُ فِي الجوالي كل يَوْم دِينَار فَامْتنعَ وقنع بستين وبمثلها للسَّيِّد صَاحبه وَكَذَا أربى مشيخة سعيد السُّعَدَاء حِين عرضت عَلَيْهِ وَمَعَ ذَلِك كُله فالمتمس السُّكْنَى فِي مَكَان من الجيعانية ببولاق ينشأ عَنهُ حصر شيخ الْمدرسَة مَعَ كَونه من جماعته فَأُجِيب لذَلِك وَلم يلْتَفت لتألم الْمشَار إِلَيْهِ مَعَ ضعفه وعجزه، وَكَانَ إِمَامًا عَلامَة محققا حسن التَّقْرِير لكنه فِي الجمة أمهر مِنْهُ فِي غَيرهَا متقنا لمَذْهَب التصوف مجيدا لكَلَام الْغَزالِيّ كثير التَّحَرِّي فِي الطَّهَارَة مُعْتَقدًا فِي الْفُقَرَاء متواضعا مَعَهم شهما على بني الدُّنْيَا عديم التَّرَدُّد إِلَيْهِم خُصُوصا بعد وَفَاة الْمُحب بن الْأَشْقَر والكمال الْبَارِزِيّ حسن الْعشْرَة مَعَ من يألفه ظريفا خَفِيف اللِّحْيَة رفيع الْبشرَة كثير المحاسن وَكَانَ يَحْكِي عَن نَفسه أَنه لَا يُمَيّز الشَّخْص الْبعيد ويطالع الْخط الدَّقِيق فِي اللَّيْل وَأَنه كَانَ فِي)
أول أمره لَا يقْرَأ فِي الْيَوْم أَكثر من درس ويطالعه قبل الْقِرَاءَة وَبعدهَا وَلم يكن يقرئ بِدُونِ مطالعة ويحض الطَّالِب عَلَيْهَا. وَقد حج وزار الْمَدِينَة وَبَيت الْمُقَدّس وَفِي الآخر سَافر لمَكَّة فِي الْبَحْر فوصلها فِي شَوَّال سنة إِحْدَى وَسبعين وَكنت هُنَاكَ فقصدته للسلام فَبَالغ فِي الْإِكْرَام والترحيب والتلقيب بشيخ السّنة وَأعلم بعافية الْأَخ وَكَثْرَة شوقه إِلَيّ وَنَحْو ذَلِك مِمَّا ابتهجت بِهِ وَاسْتمرّ مُقيما بِمَكَّة حَتَّى حج وجاور السّنة الَّتِي تَلِيهَا وأقرأ الْحَج من الْأَحْيَاء وَغير ذَلِك لَكِن يَسِيرا وَرجع مَعَ الركب وَهُوَ متعلل فَأَقَامَ بالظاهرية الْقَدِيمَة أَيَّامًا ثمَّ مَاتَ فِي لَيْلَة مستهل صفر سنة ثَلَاث وَسبعين مبطونا شَهِيدا وَقد جَازَ التسعين وَصلى عَلَيْهِ من الْغَد وَدفن بجوار الشَّيْخ عبد الله المنوفي وتأسف النَّاس على فَقده رَحمَه الله وإيانا. مُحَمَّد بن مُسَدّد بن
166 - مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز بن عبد السَّلَام بن مُحَمَّد الشَّمْس أَبُو حَامِد وَأَبُو الْيمن بن ولي الدّين الكازروني الأَصْل الْمدنِي الشَّافِعِي / الْآتِي أَبوهُ وَبِه يعرف. ولد فِي ذِي الْقعدَة سنة خمسين وَثَمَانمِائَة بِالْمَدِينَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وأربعي النَّوَوِيّ والمنهاجين وَالتَّلْخِيص وَعرض فِي سنة خمس وَسِتِّينَ على نَاصِر