لَهُ هَذَا بعد صَلَاة التَّرَاوِيح من لَيْلَة السبت خَامِس عشرى رَمَضَان سنة إِحْدَى وَخمسين وَسَبْعمائة دَاخل خطّ القصاعين بن السورين بِدِمَشْق وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وأكمله سنة أَربع وَسِتِّينَ وَصلى بِهِ فِي الَّتِي بعْدهَا وَحفظ التَّنْبِيه وَغَيره وَأخذ القراآت إفرادا عَن عبد الْوَهَّاب بن السلار وجمعا على أبي الْمَعَالِي بن اللبان وَحج فِي سنة ثَمَان فقرأها على أبي عبد الله مُحَمَّد بن صلح خطيب طيبَة وإمامها، وَدخل فِي الَّتِي تَلِيهَا الْقَاهِرَة فَأَخذهَا عَن أبي عبد الله بن الصَّائِغ والتقى الْبَغْدَادِيّ فِي آخَرين بِهَذِهِ الْأَمَاكِن وَغَيرهَا وَاشْتَدَّ اعتناؤه بهَا وَسمع على بقايا من أَصْحَاب الْفَخر بن البُخَارِيّ وَجَمَاعَة من أَصْحَاب الدمياطي والأبرقوهي فِي آخَرين بِدِمَشْق والقاهرة وإسكندرية وَغَيرهَا وَمن شُيُوخه ابْن أميلة وَابْن الشيرجي وَابْن أبي عمر وَإِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن فلاح والعماد بن كثير وَأَبُو الثَّنَاء مَحْمُود المنيجي والكمال بن حبيب والتقي عبد الرَّحْمَن الْبَغْدَادِيّ الْمشَار إِلَيْهِ وَمن أهل إسكندرية الْبَهَاء عبد الله الدماميني وَابْن مُوسَى وَمن أهل بعلبك أَحْمد بن عبد الْكَرِيم، وَطلب بِنَفسِهِ وقتا وَكتب الطباق وَأخذ الْفِقْه عَن الأسنوي والبلقيني والبهاء أبي الْبَقَاء السُّبْكِيّ وَالْأُصُول والمعاني وَالْبَيَان عَن الضياء القرمي والْحَدِيث عَن الْعِمَاد بن كثير وَابْن الْمُحب والعراقي، وَأذن لَهُ غير وَاحِد بالإفتاء والتدريس والإقراء بالعادلية ثمَّ مشيخة دَار الحَدِيث الأشرفية ثمَّ مشيخة تربة أم الصَّالح بعد شَيْخه ابْن السلار وَعمل فِيهِ إجلاسا بِحُضُور الْأَعْلَام كالشهاب بن حجي وَقَالَ كَانَ درسا جَلِيلًا، وباشر للأمير قطلوبك وسافر بِسَبَب ذَلِك لمصر غير مرّة، وَولي من برقوق خطابة جَامع التوتة عَن الشهَاب الحسباني وتنازعا ثمَّ قسمت بَينهمَا ثمَّ ولي تدريس الصلاحية القدسية فِي سنة خمس وَتِسْعين عوضا عَن الْمُحب بن الْبُرْهَان بن جمَاعَة فدام فِيهَا إِلَى ابْتِدَاء سنة سبع وَتِسْعين وَوَقع بَينه وَبَين قطلوبك الْمَذْكُور وَادّعى عَلَيْهِ أَنه صرف أَمْوَالًا فِي غير مستحقها وَعقد لَهُ بِسَبَب ذَلِك عدَّة مجَالِس وَولي قبل ذَلِك توقيع الدست فِي سنة تسع وَسبعين، وابتنى بِدِمَشْق لِلْقُرْآنِ مدرسة بل ولي قضاءها بِمَال وعد بِهِ فِي شعْبَان سنة ثَلَاث وَسبعين عوضا عَن الشّرف مَسْعُود وَكتب توقيعه فِيمَا قيل مِمَّا يحْتَاج لتحرير الْعِمَاد بن كثير وعزل بعد أَيَّام قبل دُخُولهَا ثمَّ امتحن بِسَبَب مُبَاشَرَته تعلقات أيتمش على يَد أستاداره قطلبك وَسلم لوالي الْقَاهِرَة ليعْمَل لَهُ الْحساب فَوقف عَلَيْهِ مَال عجز عَنهُ ففر فِي سنة ثَمَان وَتِسْعين وَركب الْبَحْر من إسكندرية وَلحق بِبِلَاد الرّوم)
فاتصل الْمُؤَيد أبي يزِيد بن عُثْمَان صَاحب مَدِينَة برصافأ كرمه وعظمه وأنزله عِنْده بضع سِنِين فنشر علم القراآت والْحَدِيث وانتفعوا بِهِ فَلَمَّا