حَتَّى أَن فضلاء الشخونية كَانُوا يرجحون دروس التقي القلقشندي مَعَ نقص بضاعته على دروسه وَلَا أَتَى على طرفِي كتاب فِيمَا أَظن قِرَاءَة وَلَا إقراء وَلَا كَانَت لَهُ قطنة على إدامة الِاشْتِغَال وَلَا)

ملكة فِي المباحثة لسرعة انحرافه وغضبه الْمُؤَدِّي إِلَى اختلال تصَوره مَعَ وفور ذكائه بِحَيْثُ أَنه كَانَ يستدعى لحضور الْمجَالِس فَلَا يَجِيء بكبير أَمر إِلَى غير ذَلِك من كَونه يصعب عَلَيْهِ الثَّنَاء على معاصريه وَسُوء عاريته للكتب الْملك وَالْوَقْف بِحَيْثُ لَا يستعيد الْمُعير مِنْهُ ذَلِك إِلَّا بِمَشَقَّة كَبِيرَة وَلما مَاتَ الْعلم البُلْقِينِيّ أَخذ من تركته نَحْو خَمْسمِائَة مُجَلد من كتب الْأَوْقَاف مَا أَظُنهُ طالع أَكْثَرهَا وَكَذَا أَخذ من تَرِكَة شَيخنَا يَسِيرا وَحَال ابْنه بَينه وَبَين تَمام غَرَضه وَضاع للنَّاس عِنْده من ذَلِك أَشْيَاء، وَهُوَ فِي أَكثر أوقاته راكن إِلَى البطالة والراحة والإقبال على مَا يهمه من الْكل وَالشرب وَالْعشرَة والتنعم بِمَا يلائم ذَلِك وَالْمَشْي على قانون كبار المباشرين والإدمان للعب الشطرنج بِحَيْثُ كَانَ وقتا مَعَ جمَاعَة يقسمون أيامهم فِيهِ فَعِنْدَ فلَان يَوْم كَذَا وَالْيَوْم الَّذِي يَلِيهِ عِنْد آخر وَهَكَذَا وتصدر مِنْهُ حِين لعبه غَالِبا كَلِمَات يخرج فِيهَا عَن الْحَد وَلَا يعرف حِينَئِذٍ كَبِيرا وَلَا صَغِيرا وَكلما زَاد فِيهَا زَاد جُلَسَاؤُهُ من مقتضياتها مَعَ محبته فِي الْإِطْعَام ورغبته فِي التَّصَدُّق على الْفُقَرَاء وبذل جاهه مَعَ من يَقْصِدهُ غَالِبا وعلو همته فِي ذَلِك وصفاء خاطره جدا وَسُرْعَة انفعاله وبادرته وَقرب رُجُوعه واعترافه فِي كثير من أوقاته بالتقصير وَكَثْرَة توجهه فِي الثُّلُث الْأَخير وقيامه وتهجده ومزيد اعْتِقَاده فِيمَن ينْسب إِلَى الصّلاح لَا سِيمَا من يُسمى عِنْده وَعند أَمْثَاله بالمجاذيب واسترسل بِهِ ذَلِك حَتَّى كَانَ من أكبر المناضلين عَن ابْن عَرَبِيّ غير أَنه لم يتظاهر بذلك إِلَّا بعد كائنة ابْن الفارض وَمَا كنت أَحْمد مِنْهُ ذَلِك ولمته عَلَيْهِ مرّة بعد أُخْرَى وبالغت مَعَه فِي ذكر مَا يجب بِحَيْثُ كَانَ كالمستوحش مني بِسَبَبِهِ:

(وَمَا عَليّ إِذا مَا قلت معتقدي ... دع الجهول يظنّ الْحق عُدْوانًا)

وَبِالْجُمْلَةِ فَمَا أتوهم عقيدته إِلَّا الْخَيْر وَلم يكن الْمَنَاوِيّ يرفع لَهُ رَأْسا لَا سِيمَا فِي كائنة الصَّغِير الَّذِي حكم بِمُوجب مِيرَاثه ليتضمن بَقَاءَهُ على الْكفْر وناكده مرَارًا خُصُوصا بعد وثوبه على وَلَده بمعاونة الْجمال نَاظر الْخَاص حَتَّى أَخذ مِنْهُ تدريس الْفِقْه بالبدرية الخروبية بِمصْر محتجا بِأَنَّهَا كَانَت وَظِيفَة أَبِيه وانتزعها مِنْهُ بِغَيْر طَرِيق شَرْعِي مَعَ كَون شَرطهَا لمن جَازَ الْأَرْبَعين من الْمُفْتِينَ وبواسطة ذَلِك راج أمره يَسِيرا عِنْد الْعلم البُلْقِينِيّ خُصُوصا بعد مصاهرة العلمي للزيني بن مزهر لكَون الْبَدْر كَانَ من خواصه وجلسائه حَتَّى قدمه لِأَشْيَاء وَتردد للكمال بن البازري

طور بواسطة نورين ميديا © 2015