فأولا قَالَ شَيخنَا فِي إنبائه وَكَلَامه فِيهِ دَال على توسع فِي الْفُنُون وإتقان وَتَحْقِيق انْتهى. وَكَذَا صنف فِي كل من الْأَصْلَيْنِ والمنطق مُخْتَصرا جَامعا. وَلم يزل على حَاله من العظمة والسودد حَتَّى مَاتَ فِي رَابِع عشرى جُمَادَى الْآخِرَة سنة ثَلَاث بتونس وَلم يخلف بعده مثله وَقد حَدثنِي عَنهُ جمَاعَة فيهم مِمَّن أَخذ عَنهُ التَّفْسِير والْحَدِيث وَالْفِقْه وَغَيرهَا يحيى العجيسي، وَأَجَازَ أَيْضا لغير وَاحِد مِمَّن كتبت عَنْهُم وروى الرسَالَة عَن أبي عبد الله بن عبد السَّلَام والوادياشي كِلَاهُمَا عَن أبي مُحَمَّد بن هرون عَن أبي الْقسم بن الطيلسان عَن عبد الْحق بن مُحَمَّد بن عبد الْحق عَن أبي عبد الله مُحَمَّد بن فرج مولى ابْن الطلاع عَن أبي مُحَمَّد مكي عَن ابْن زيد والموطأ عَن أَولهمَا أَنا ابْن هرون بِهِ وَكَذَا قَرَأَ عَلَيْهِ عُلُوم الحَدِيث لِابْنِ الصّلاح بقرَاءَته لَهُ على أبي الْعَبَّاس أَحْمد البطرني أَنا بِهِ أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن مُحَمَّد بن أَحْمد اللَّخْمِيّ سَمَاعا أَنا بِهِ مُؤَلفه سَمَاعا فِي سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة بالأشرفية بِدِمَشْق وصحيح البُخَارِيّ وَمُسلم والشفا عَن ثَانِيهمَا وَذكره ابْن الْجَزرِي فِي طَبَقَات الْقُرَّاء فَقَالَ: فَقِيه تونس وإمامها وعالمها وخطيبها فِي زَمَاننَا. ولد سنة عشر وَسَبْعمائة وتبحر فِي الْعُلُوم وفَاق فِي الْأَصْلَيْنِ وَالْكَلَام وَتقدم فِي الْفِقْه والنحو وَالتَّفْسِير قَرَأَ على ابْن سَلامَة بمضمن التَّيْسِير وَالْكَافِي وروى أَيْضا عَن ابْن عبد السَّلَام شَارِح الْمُخْتَصر ذكره عبد الله بن مُحَمَّد بن غَالب فِي تَحْقِيقه فَقَالَ أَخذ الْعلم عَن جمَاعَة من الْعلمَاء، الجلة مِنْهُم وَالِده وَأَبُو عبد الله الوادياشي وَغَيرهمَا، قَالَ ابْن الْجَزرِي وَلم تزل الْحجَّاج ترد علينا بأخباره السارة حَتَّى كنت فِي الديار المصرية سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين فَقَدمهَا حَاجا فَاجْتَمَعْنَا بِهِ بِالْقَاهِرَةِ وحججنا جَمِيعًا بِالْحرم الشريف واستجزته تجاه الْكَعْبَة فأجازني وأولادي ثمَّ رَجعْنَا إِلَى لاديار المصرية فاجتمعت بِهِ كثيرا فَأَنْشَدته وأنشدني وَتوجه لبلاده فِي ربيع من الَّتِي بعْدهَا وَلم أر مغربيا أفضل مِنْهُ. وَقَالَ الصّلاح الأقفهسي فِي مُعْجم ابْن ظهيرة أَنه تفقه وبرع فِي الْأُصُول وَالْفُرُوع والعربية والمعاني وَالْبَيَان والفرائض والحساب والقراآت وَكَانَ رَأْسا فِي الْعِبَادَة والزهد)
والورع ملازما للإشغال بِالْعلمِ رَحل النَّاس إِلَيْهِ وَأخذُوا عَنهُ وانتفعوا بِهِ وَلم يكن بِبِلَاد الْمغرب من يجْرِي مجْرَاه فِي التَّحْقِيق وَلَا من اجْتمع لَهُ من الْعُلُوم مَا اجْتمع لَهُ وَلَقَد كَانَت الْفَتْوَى تَأتيه من مَسَافَة شهر، وَله مؤلفات مفيدة، وَصدر تَرْجَمته بالفقيه الإِمَام الْعَلامَة ذِي الْفُنُون الْخَطِيب الإِمَام بِمَسْجِد الزيتونة بِمَدِينَة تونس وَسَماهُ مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَرَفَة فأسقط مُحَمَّدًا الثَّالِث من نسبه كَمَا أَن ابْن الْجَزرِي لم يصب فِي مولده وَكَذَا مَا رَأَيْته فِي نُسْخَتي بمعجم شَيخنَا أَنه سنة سِتّ