ليمر مَعَه على الْبَيَان والتحصيل لِابْنِ رشد ففعلا ذَلِك وَكَذَا كَانَ صاحبنا الْجمال ابْن السَّابِق يقْدَح فِي علمه وديانته بعد أَن كَانَ مِمَّن قلد فِي شَأْنه أَولا وَبَلغنِي عَن الشرواني أَنه كَانَ يتعجب من المصريين كَيفَ راج عَلَيْهِم وَيَقُول أَنه قَالَ لي وَالله مَا أَخَاف من مصر إِلَّا من ابْن حسان قَالَ فَقلت لَهُ فَأَنت آمن لِأَن الْمشَار إِلَيْهِ مَعَ كَونه فِي الْعلم وَالدّين بمَكَان فِي شَأْن غير شَأْنك وَلَا رَغْبَة لَهُ فِي المجادلة إِلَّا إِن دعت ضَرُورَة دينية أَو كَمَا قَالَ، وَكَانَ الْعِزّ الْكِنَانِي فِي وَصفه متوسط الْحَال بل سمعته غير مرّة يَقُول إِنَّه لَا نِسْبَة لَهُ بِالْعَلَاءِ القلقشندي وَلَا ينْهض لمقاومته فِي المناظرة أَو نَحْو هَذَا، وَأما شَيخنَا الَّذِي لم يسْعد صَاحب التَّرْجَمَة بِالْأَخْذِ عَنهُ فَإِنَّهُ لما بَالغ عِنْده البقاعي فِي تقدمه فِي الطِّبّ وَجَاء بِسَبَب ذَلِك إِلَيْهِ فِي مرض مَوته كَمَا تقدم لم ينْتَه فِي وَصفه إِلَى الْحَد الْأَعْلَى بل صرح بِكَوْنِهِ كالآحاد وَإِلَيْهِ الْمرجع فِي معرفَة النَّاس حَتَّى أَنه كَانَ يُنَوّه أبي عبد الله التريكي لقرب اجتماعه بِهِ من الِاجْتِمَاع الأول لصَاحب التَّرْجَمَة وَلَا يلْتَفت لما تقدم، هَذَا مَعَ زعم البقاعي بَين يَدَيْهِ بِمَا كنت وَالله أستحي من التَّلَفُّظ بِهِ أَنه لَو نظر فِي الرِّجَال ومتعلقاتها سنة مَا كَانَ يلْحق ثمَّ مَعَ تَركه للأخذ عَن شَيخنَا المرحول إِلَيْهِ من سَائِر الْآفَاق للدراية وَالرِّوَايَة سمع على سارة ابْنة ابْن جمَاعَة جُزْء ابْن الطلاية ببيتها وعَلى أَرْبَعِينَ من الْعلمَاء والمسندين ختم البُخَارِيّ بالظاهرية الْقَدِيمَة وَقد انتدب للرَّدّ عَلَيْهِ فِي سُؤَاله الَّذِي أبرزه على لِسَان تِلْمِيذه البقاعي فِي تَعْلِيل الرَّافِعِيّ الشَّمْس بن المرخم وأيده فِيهِ التقى الحصني)

والكافياجي وَغَيرهمَا من الْمُحَقِّقين هَذَا مَعَ سُكُوته الزَّائِد وَعدم كَلَامه فِي المحافل بل رُبمَا أَقرَأ فِي بَيته وَالْبَاب مُجَاف حَتَّى لَا يدْخل عَلَيْهِ أحد إِلَى غير ذَلِك مِمَّا يُؤذن بِحَقِيقَة الْحَال، وَلما كَانَ بِالْقَاهِرَةِ ثار على قَاضِي الْمَالِكِيَّة الْبَدْر بن التنسي وجرأ عَلَيْهِ الديسطي وأخذا مَعَهُمَا الأبدي ليتقويا بِهِ لشهرة علمه وديانته وَعدم غَرَضه حِين توقف الْبَدْر فِي قتل الكيمياوي المنتسب للشرف حَتَّى قتل وَقد الْبَدْر غبنا وَكَانَ هَذَا يؤمل تقدمه بقتْله لكَونه مُوَافقا لغَرَض السُّلْطَان فخاب أمله وللجمالي نَاظر الْخَاص فِي تَأْخِيره الْيَد الْبَيْضَاء نعم ساعده الْكَمَال بن الْبَارِزِيّ وَهُوَ مِمَّن كَانَ يطريه حَتَّى انتزع لَهُ تدريس التَّفْسِير بقبة المنصورية من المحيوي الطوخي وَعمل لَهُ إجلاسا حَضَره فِيهِ الأكابر وَلم يَجْسُر أحد على التَّكَلُّم مَعَه لإغلاظه على الزين قَاسم الزفتاوي لما تكلم مَعَه فجبن غَيره وَكنت مِمَّن حضر هَذَا الدَّرْس وَرَأَيْت من سرعَة سرده وطلق عِبَارَته وَقُوَّة جنانه فِي تأديته عجبا وَإِن كَانَ مقَام التَّحْقِيق وَرَاء ذَلِك، وَلم يلبث أَن رغب عَنهُ للسيف الْحَنَفِيّ وَعَن تصدير لَهُ بالأقصى وجوالي وَغَيرهمَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015