مَعَ مشافهة الظَّاهِر خشقدم فِي كائنة وَقعت أَيَّام قَضَاء الْبُرْهَان بن الديري التمس مِنْهُ وَمن الشمني الصعُود إِلَيْهِ مَعَ الأقصرائي ليسمع كَلَامهم فِيهَا وَاعْتذر من عدم الْكِتَابَة بِكَوْنِهِ لم يُؤذن لَهُ فِيهَا من أحد من شُيُوخه وصمم على ذَلِك، وَقد تصدى للإقراء فَانْتَفع بِهِ الْفُضَلَاء من كل مَذْهَب وهرع النَّاس للأخذ عَنهُ)
وَكَثُرت تلامذته وصاروا رُؤَسَاء فِي حَيَاته وَبَلغنِي أَن رَفِيقه الزين قَاسم قَرَأَ بَين يَدَيْهِ فِي درس الْفِقْه بوقف الصَّالح وَكنت أَنا وَأخي مِمَّن حضر دروسه فِي الْكَشَّاف وَغَيره وَكتب على كل من التَّوْضِيح لِابْنِ هِشَام وَشرح الْبَيْضَاوِيّ للأسنوي وَشرح التَّنْقِيح للقرافي وَشرح الْمنَار وَشرح العقائد وَشرح الطوالع للدَّار حَدِيثي وَغَيرهَا حَوَاشِي متقنة بديعة الْمِثَال لَو جردت كَانَت كافلة بإيضاحها وَقد جرد مِنْهَا أَولهَا لكنه لم يكمل. وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ إِمَام عَلامَة فِي الْفِقْه وأصوله والعربية وَالتَّفْسِير وأصول الدّين وَغَيرهَا بديع التَّحْقِيق بعيد النّظر والمطالعة متأن فِي تَقْرِيره مَعَ سلوكه طَرِيق السّلف ومداومته على الْعِبَادَة والتهجد وَالْجَمَاعَة وشهود مشْهد اللَّيْث والانجماع عَن النَّاس والانقباض عَن بني الدُّنْيَا وَعدم التَّرَدُّد إِلَيْهِم جملَة والسكون وَترك الْخَوْض فِيمَا لَا يعنيه وذكرى بالجميل غيبَة وحضورا وإكرامي الزَّائِد حَتَّى أَنه تألم بِسَبَب كائنة الكاملية وَكَانَ مِمَّن كلم السُّلْطَان فِي الثَّنَاء عَليّ وَلم يكن يمِيل إِلَّا لأهل التَّقْوَى وَالْأَدب وَمن ثمَّ امْتنع من إجَابَتِي حِين توسل بِي عِنْده ابْن الشّحْنَة الصَّغِير فِي الْقِرَاءَة عَلَيْهِ وَبَالغ معي فِي الِاعْتِذَار والتلطف وإبداء مَا يقبل أقل مِنْهُ من مثله وَصَارَ ذَلِك معدودا فِي مناقبه وَقد قصد الْأَشْرَف قايتباي الِاجْتِمَاع بِهِ وأحس بذلك فبادر وَصعد إِلَيْهِ فَأكْرمه وَأمر لَهُ بثلثمائة دِينَار واستغرب النَّاس هَذَا الصَّنِيع ثمَّ لما سمع أَن الشَّيْخ عزم على تَزْوِيج ابْنَته أَمر بِأَن يكون العقد بِحَضْرَتِهِ قصدا لإكرامه فَفعل وَلم يحضر الشَّيْخ وَلما مَاتَ الْبُرْهَان بن الديري اسْتَقر بِهِ عوضه فِي مشيخة المؤيدية بعد تمنع ثمَّ بعد الكافياجي فِي الشيخونية وَأعْطى المؤيدية للتاج بن الديري وَلم يلبث أَن ابْتَدَأَ بِهِ الضعْف فَأَقَامَ مديدة إِلَى أَن مَاتَ فِي لَيْلَة الِاثْنَيْنِ رَابِع عشرى ذِي الْقعدَة سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَصلي عَلَيْهِ من الْغَد بسبيل المؤمني وشهده السُّلْطَان ثمَّ دفن بتربة جد أمه لأمها الْفَخر القاياتي بِالْقربِ من مقَام الإِمَام الشَّافِعِي من القرافة رَحمَه الله وإيانا.
446 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد بن أَحْمد محيي الدّين أَبُو زرْعَة بن الشَّمْس التَّمِيمِي الدَّارِيّ المغربي التّونسِيّ الأَصْل الْمَكِّيّ الْمَاضِي أَبوهُ وَيعرف كَهُوَ بِابْن عزم. /