عَن بَيتهمْ والتنصيص على اسْتِقْرَار الْبَدْر أبي السعادات فِيهَا وَترك مدافعته لَهُ عَن شَيخنَا مَعَ كَونه شَيْخه وَله عَلَيْهِ حُقُوق فِي إِخْرَاج البيبرسية وَغير ذَلِك إِمَّا لعدم انقياده مَعَه أَو لغيره وَهُوَ الظَّاهِر فَإِنَّهُ لم يكن مَعَ شَيخنَا كَمَا يَنْبَغِي وَلَو قَامَ مَعَه لَكَانَ أولى من جلّ قوماته وَكَثِيرًا مَا كَانَ السُّلْطَان ينعم عَلَيْهِ مَعَ أَخذه من رفقته وَقد حج مرَارًا أَولهَا فِي سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين ثمَّ فِي سنة تسع وَأَرْبَعين ثمَّ فِي سنة ثَلَاث وَخمسين وفيهَا أَقَامَ بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّة نَحْو نصف شهر وَقَرَأَ هُنَاكَ الشفا ثمَّ بِمَكَّة دون شَهْرَيْن وَكَانَ السُّلْطَان هُوَ المجهز لَهُ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ وَلم يرجع من وَاحِدَة مِنْهُمَا إِلَّا مضاعف الْحُرْمَة مَعَ أَنه مَا خلا عَن طَاعن فِي علاهُ مُجْتَهد فِي خفضه وَلم يَزْدَدْ إِلَّا رفْعَة وَلَا جاهر أحدا بِسوء كل هَذَا مَعَ بعد الْغَوْر والمداومة على التِّلَاوَة والتهجد وَالصِّيَام والمراقبة والحرص على الْمُحَافظَة على الطَّهَارَة الْكَامِلَة وَضبط أَفعاله وأقواله واجتهاده فِي إخفاء أَعماله الصَّالِحَة بِحَيْثُ أَنه يركب فِي الْغَلَس إِلَى من يعلم احْتِيَاجه فيبره وَرُبمَا حمل هُوَ الطَّعَام وَشبهه لمن يكون عِنْده بِالْمَدْرَسَةِ وَأمره فِي هَذَا وَرَاء الْوَصْف ومزيد احْتِمَاله وحلمه ومغالطته لمن يفهم عَنهُ شَيْئا ومقاهرته إِيَّاه بِالْإِحْسَانِ والبذل والخبرة بالأمور وَكَثْرَة الإفضال وسعة الْكَرم وَكَونه فِي غَايَة مَا يكون من الترفه والتنعم بالمآكل السّنيَّة والحلوى وَالرَّغْبَة فِي دُخُول الْحمام فِي كل وَقت لَيْلًا ومزيد موافاته بالتهنئة والتعزية والعيادة وَنَحْو ذَلِك بِحَيْثُ لَا يلْحق فِيهِ وَلَقَد بَلغنِي أَن الشّرف يحيى بن الْعَطَّار تعلل مرّة ثمَّ أشرف على الْخَلَاص وَدخل الْحمام فليم فِي تَعْجِيله بذلك فَقَالَ وَالله مَا فعلته إِلَّا حَيَاء من فلَان وَأَشَارَ إِلَيْهِ لِكَثْرَة مَجِيئه فِي كل يَوْم فَأَحْبَبْت تَعْجِيل الرَّاحَة لَهُ بل بَلغنِي عَن بعض الرؤساء أَنه كَانَ يَقُول مَا كنت أعلم بِكَثِير مِمَّن يَنْقَطِع من جماعتي وحاشيتي إِلَّا مِنْهُ وَقيل لشَيْخِنَا فِي إمعانه من ذَلِك فَقَالَ مُشِيرا لتفرغه كل ميسر لما خلق لَهُ وأثكل وَلَده الشّرف فَصَبر واحتسب وتزايد مَا كَانَ)
يسلكه من أَفعَال الْخَيْر حَتَّى أَنه فرق مَا كَانَ باسم الْوَلَد من الْوَظَائِف على جمَاعَة مذْهبه فَأعْطى إِفْتَاء دَار الْعدْل لِابْنِ الرزاز وَقَضَاء الْعَسْكَر للخطيب وَكَانَ رغب عَنْهُمَا لوَلَده عِنْد ولَايَته للْقَضَاء وَأكْثر من مُلَازمَة قَبره وَالْمَبِيت عِنْده وإيصال الْبر إِلَيْهِ بالختمات المتوالية وَالصَّدقَات الجزيلة وَقرر جمَاعَة يقرؤون كل يَوْم عِنْد قَبره ختمة ويبيتون على قَبره فِي أَوْقَات عينهَا وَحبس على ذَلِك رزقة وانتفع هُوَ بذلك بعد مَوته حَيْثُ اسْتمرّ. وَلم يلبث أَن مَاتَ فِي لَيْلَة الْخَمِيس سَابِع جُمَادَى الأولى سنة سبع وَخمسين بعد تعلله أَيَّامًا وَصلى عَلَيْهِ نم الْغَد بِبَاب النَّصْر فِي مشْهد حافل جدا تقدم أَمِير الْمُؤمنِينَ النَّاس وَدفن