إِلَيْهَا وتدرب فِي ذَلِك بحافظ بَلَده ابْن نَاصِر الدّين فبه تخرج وتعاني الْكِتَابَة على طَرِيقَته وانتفع بمرافقته صاحبنا النَّجْم بن فَهد كثيرا وَمن شُيُوخه بِبَلَدِهِ وَقد زَاد عَددهمْ على الْمِائَتَيْنِ الزين بن الطَّحَّان وَابْن نَاظر الصاحبة وَعَائِشَة ابْنة ابْن الشرائحي.

وارتحل إِلَى بلعبك فِي ربيع الآخر سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَقَرَأَ بهَا على الْعَلَاء بن بردس والبرهان بن المرحل وَغَيرهمَا وَدخل الْقَاهِرَة مرَارًا أَولهَا فِي هَذِه السّنة ثمَّ فِي سنة خمس وَأَرْبَعين ولازم شَيخنَا أتم مُلَازمَة وَأخذ عَنهُ جملَة من تصانيفه وَغَيرهَا وَمِمَّا قَرَأَهُ عَلَيْهِ تَعْجِيل الْمَنْفَعَة وَتَعْلِيق التَّعْلِيق والإصابة بعد أَن كتبهَا بِخَطِّهِ وَكَانَ قد سلف الثَّنَاء عَلَيْهِ بَين يَدَيْهِ من بعض من رَآهُ من تلامذته وَأَنه لم ير فِي حَلقَة ابْن نَاصِر الدّين أنبل وَلَا أفتح عينا مِنْهُ فَكَانَ ذَلِك مقتضيا لمزيد إقباله عَلَيْهِ والتفاته إِلَيْهِ والتنويه بِذكرِهِ الْمُقْتَضِي لعَلي فخره خُصُوصا وَلم يكن عِنْده إِذْ ذَاك أشبه فِي الطّلب مِنْهُ هَذَا مَعَ أَنه كَانَ كَمَا أَشرت إِلَيْهِ أَولا قد لَقِي شَيخنَا قبل بِدِمَشْق وَسمع عَلَيْهِ وَكتب بعض تصانيفه وَقَرَأَ بِالْقَاهِرَةِ أَيْضا على الْمُحب بن نصر الله والمقريزي وَابْن الْفُرَات فِي آخَرين. وَحج فِي سنة ثَلَاث أول سنيه الَّتِي قدم فِيهَا الْقَاهِرَة وَقَرَأَ بِمَكَّة على زَيْنَب ابْنة اليافعي وَغَيرهَا وبالمدينة النَّبَوِيَّة على أبي الْفَتْح المراغي وَغَيره وَكَذَا)

زار بَيت الْمُقَدّس غير مرّة وَأخذ فِيهَا عَن الشهَاب بن رسْلَان وَقَرَأَ على الْجمال بن جمَاعَة والتقى أبي بكر القلقشندي وَدخل دمياط وَقَرَأَ بهَا على الشَّمْس ابْن الْفَقِيه حسن إِلَى غَيرهَا من الْأَمَاكِن وَأكْثر. وَأَجَازَ لَهُ الْبُرْهَان الْحلَبِي الْحَافِظ والقبابي والتدمري وَآخَرُونَ وَمَعَ ذَلِك فَلم يتَمَيَّز فِي الطّلب فضلا عَن أَعلَى الْعلمَاء غير أَن لَهُ يقظة فِي الْجُمْلَة وَكِتَابَة يروج بهَا عِنْد من لَا يحسن أَو يحسن مِمَّن يُدَارِي أَو يترجى وَالرجل بِحَمْد الله حِين كَانَ مَوْجُودا لم يكن بتحاشى عَن الْكَلَام فِي شَيْء وَلَا يتَوَقَّف لأجل تَحْرِير أَو تَحْقِيق وَقد أنصف الْعِزّ الْكِنَانِي قَاضِي الْحَنَابِلَة حِين اجتماعه بِهِ وَالْأَمر يحْتَاج إِلَى منصف عَارِف دين. وَقَول شَيخنَا فِي أنبائه بعد وَصفه لَهُ بالفاضل البارع أَنه سمع الْكثير وَكتب كتبا كَثِيرَة وأجزاء وجد وَحصل فِي مُدَّة لَطِيفَة شَيْئا كثيرا وخطه مليح وفهمه جيد ومحاضراته تدل على كَثْرَة استحضاره يحْتَاج إِلَى تَأْوِيل فِي بعض الْكَلِمَات وَكَذَا وَصفه لَهُ بِالْحِفْظِ بعد ذَلِك لَيْسَ على إِطْلَاقه وَالدَّلِيل لعدم تَمْيِيزه أَنه قَرَأَ على ابْن الْفُرَات الْأَدَب الْمُفْرد للْبُخَارِيّ بإجازته من الْعِزّ أَب عمر بن جمَاعَة بِسَمَاعِهِ لَهُ على أَبِيه الْبَدْر مَعَ أَن بِالْقَاهِرَةِ حِينَئِذٍ غير وَاحِد مِمَّن سَمعه على الْعِزّ بن الكويك وَغير وَاحِد مِمَّن سَمعه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015