صحبته قَدِيما وَسمعت بقرَاءَته على شَيخنَا فِي أَسبَاب النُّزُول لَهُ وَفِي غَيره وَسمع هُوَ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ وعَلى غَيره كالكمال بن الْبَارِزِيّ أَشْيَاء ثمَّ تكَرر اجْتَمَعنَا خُصُوصا فِي بَلَده ويمع معي أَشْيَاء هُنَاكَ أثبت لي بَعْضهَا بخطة وَبَالغ فِي الْوَصْف بل حضر عِنْدِي بعض الختوم وَقَالَ أَن اللَّائِق بكم الْجُلُوس بِجَامِع الْحَاكِم أَو نَحوه إِشَارَة لضيق الْمَكَان وَكَثْرَة الْجَمَاعَة وقرض لأخي بعض تصانيفه وكتبت عَنهُ فِي بَلَده من نظمه وَورد علينا الْقَاهِرَة مرَارًا قبل وَبعد آخرهَا فِي سنة سِتّ وَسبعين وأقرأ الطّلبَة فِي شرح جمع الْجَوَامِع للمحلي وَغَيره ونافرة غير وَاحِد مِنْهُم بِحَيْثُ كَاد أَن يمْتَنع من الاقراء لتحريفهم تَقْرِيره وَعدم اداراكهم لمقاصده، وَاسْتقر بسفارة الزيني بن مزهر فِي مشيخة الصلاحية بِبَيْت الْمُقَدّس بعد صرف خَلِيل المجدلي وسر الخيرون بذلك ثمَّ انْفَصل عَنْهَا بعد يسير لقُصُور يَده بِالنَّجْمِ حفيد الْجمال بن جمَاعَة وَقدم بعد ذَلِك فِي رَجَب سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَنزل بِبَيْت الْبَدْر بن التنسي وَاجْتمعَ عَلَيْهِ جمَاعَة من الْفُضَلَاء ولازم التَّرَدُّد الْمجْلس الزيني فاستقر بِهِ تدريس الْفِقْه بمدرسته الَّتِي جددها تجاه بَيته ثمَّ لما مَاتَ الْجَوْجَرِيّ ساعده فِي النِّيَابَة عَن وَلَده فِي تدريس الْفِقْه بالمؤيدية وَكَذَا نَاب فِي تدريس الحَدِيث بالكاملية عَن من اغتصبها وَكنت أنزهه عَن هَذَا، ودرس وَأفْتى وَحدث ونظم ونثر، وصنف فَكَانَ مِمَّا صنفه حَاشِيَة على شرح الْجَوَامِع للمحلى استمد فِيهَا من شَرحه لِلشِّهَابِ الكوراني وَتَبعهُ فِي تعسفه غَالِبا وَأُخْرَى على تَفْسِير الْبَيْضَاوِيّ لَكِنَّهَا لم تكمل وشرحا على الارشاد لِابْنِ الْمقري وفصول ابْن الهائم والزبد لِابْنِ رسْلَان ومختصر التَّنْبِيه لِابْنِ النَّقِيب والشفا لعياض وَلم يكملا. وَلم أَحْمد كِتَابَته فِي مسئلة الْغَزالِيّ انتصارا للبقاعي وَلم يلبث أَن أمره السُّلْطَان بِالرُّجُوعِ لبلده وعينه لمشيخة مدرسته هُنَاكَ بعد موت الشهَاب العميري وَعز ذَلِك عَلَيْهِ كثيرا وعَلى كثيرين وَأكْثر من الانجماع وتقلل من الدُّخُول فِي الْأُمُور وَمَعَ ذَلِك فَلَا يَخْلُو من تعرض بجسده أَو معرض لَا يوده. وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ عَلامَة متين التَّحْقِيق حسن الْفِكر والتأمل فِيمَا ينظره وَيقرب عَهده بِهِ، وكتابته أمتن من تَقْرِيره ورويته أحسن من بديهته مَعَ)
وضاءته وتأنيه وَضَبطه وَقلة كَلَامه وَعدم ذكره للنَّاس، وَلكنه ينْسب لمزيد بِأَو وإمساك مَعَ الثروة وتجدد الرِّبْح من التِّجَارَة وَغَيرهَا والكمال لله. وَمِمَّا كتبه من نظمه قَوْله يُخَاطب الْكَمَال بن الْبَارِزِيّ:
(يَا من بِهِ اكتست الْمَعَالِي رفْعَة ... مذحازها فغدت لأكرم جَائِز)
(مَا للحسود إِلَى كمالك مرتقى ... كم بَين ذَاك وَبَينه من حاجز)