أبي الْبَقَاء بن الجيعان)

وَدخل الشَّام مرَّتَيْنِ وحماة فَمَا دونهَا وتميز فِي الْفُنُون وَعرف بالذكاء مَعَ حسن الْعشْرَة والتواضع وَالرَّغْبَة فِي الممازحة والنكتة والنادرة وامتهان نَفسه وَترك التأنق فِي أمره وأشير إِلَيْهِ بالفضيلة فتصدى للأقراء وانتفع بِهِ الْفُضَلَاء فِي الْفَرَائِض والحساب والميقات والعربية وَنَحْوهَا. وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ النَّجْم بن حجي وَصَارَ بِأخرَة فريدا فِي فنون وباشر الرياسة فِي أَمَاكِن بل تصدر بِجَامِع طولون برغبة نور الدّين بن النقاش لَهُ عَنهُ وَعمل فِيهِ اجلاسا فِي صفر سنة تسع وَسبعين، وَكتب فِي الْمِيقَات مُقَدمَات جمة تزيد كَمَا أَخْبرنِي على مِائَتَيْنِ مِنْهَا المنصورية كَأَنَّهُ عَملهَا لجَماعَة المنصورية والسرالمودوع فِي الْعَمَل بِالربعِ الْمَقْطُوع وَعمل متْنا فِي الْفَرَائِض سَمَّاهُ كشف الغوامض وَاخْتَصَرَهُ فِي نَحْو نصف حجمه بل وَشَرحه وَشرح فِيهِ كلا من تصانيف أَرْبَعَة لِابْنِ الهائم الْفُصُول والتحفة القدسية وَالْمقنع وَسَماهُ القَوْل الْمُبْدع والألفية الْمُسَمَّاة كِفَايَة الْحفاظ مَعَ توضيح للإلفية أَيْضا وَكَذَا شرح الجعبرية والرحبية والاشنهية وَلكنه لم يكمل ومنظومة الْمُوفق الْحَنْبَلِيّ والحوفي ورتب مَجْمُوع الكلائي مَعَ اختصاره والاتيان فِيهِ بزوائد مهمة، وَله فِي الْحساب مُقَدّمَة سَمَّاهَا تحفة الأحباب فِي الْحساب المفتوح واختصرها وَشرح فِيهِ من تصانيف ابْن الهائم الْحَاوِي واللمع وَفِي الْجَبْر والمقابلة ثَلَاثَة شُرُوح على الياسمينية وَشرح فِي النَّحْو الشذور والقطر والتوضيح وَلكنه لم يكمل وجرد شرح شواهده من شَوَاهِد الْعَيْنِيّ إِلَى غير ذَلِك من الْمُهِمَّات، وَنَازع فِي مسئلة الْجَهْر بالتسميع وَخَالف فِي ذَلِك الزين زَكَرِيَّا وتنافس مَعَه بِسَبَبِهَا وَكَذَا انتقده فِي شَرحه للفصول وَنَازع ابْن السَّيِّد عفيف الدّين فِي دَعْوَاهُ تَقْدِيم أَذَان الْمغرب قبل تمكن الْغُرُوب وكلم الْمُحْتَسب بِكَلِمَات مُنَاسبَة كَمَا أَنه دَار بَينه وَبَين ابْن عَاشر شيخ التربة الأشرفية قايتباي مناقشات وباسمه بعض وظائف الجنابلة. وَبِالْجُمْلَةِ ففضيلته منتشرة ومحاسنه مقررة وَلكنه لم ينصف فِي تَقْرِير رشيئ يُنَاسِبه كَمَا هُوَ الْغَالِب فِي الْمُسْتَحقّين.

95 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد الفِهري الشاطبي المربي أَو الْمَرْوِيّ / نِسْبَة للمرية من بِلَاد الأندلس وَيعرف بالشاطبي. ولد فِي سنة ثَمَان وَسِتِّينَ بالمرية وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وتلابه لنافع عَليّ مُحَمَّد الروطي بعد أَن جوده على أَبِيه ومعظم الْمُخْتَصر وَجَمِيع رجز ابْن عَاصِم فِي الْعَرَبيَّة واشتغل فيهمَا عِنْد عبد الله الزليحي وَمُحَمّد بن معوذ وعنهما أَخذ الْفَرَائِض فِي الْحساب وَالْعرُوض. وسافر من الأندلس لبَعض ضروراته)

ولازال حَتَّى دخل مصر فِي أول سنة خمس وَتِسْعين فَنزل بتربة السُّلْطَان وَحضر إِلَيّ فِي أثْنَاء ربيع الآخر مِنْهَا فَسمع مني المسلسل وأنشدني قَوْله:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015