الشَّمْس أَبُو عبد الله ابْن الْفَقِيه الإِمَام المرتضى الجذامي الرنتيشي بِفَتْح الْمُوَحدَة وَالرَّاء بعْدهَا نون سَاكِنة ثمَّ مثناة مَكْسُورَة ثمَّ تَحْتَانِيَّة بعْدهَا مُعْجمَة نِسْبَة لحصن من عرب الأندلس من أَعمال أشبونة المغربي الْمَالِكِي الْمَاضِي ابْن عَم وَالِده إِبْرَهِيمُ بن عبد الْملك بن إِبْرَهِيمُ، وَيعرف بالرنتيشي. ولد فِي أَوَائِل سنة تسع وَخمسين وَثَمَانمِائَة وَنَشَأ يَتِيما فَقَرَأَ الْقُرْآن والشاطبية الصُّغْرَى وأحضر مجَالِس الْعلمَاء كَأبي عبد الله الزلديوي وإبرهيم الأخضري وَمُحَمّد الواصلي وَالْقَاضِي الغافقي، وتلا فِي الأندلس للسبع على قَاضِي الْجَمَاعَة بمالقة أبي عبد الله الفرعة ولبعض الْقُرَّاء على غَيره، وَبحث التَّيْسِير وَشَرحه للرعيني ومنظومة ابْن بري والشاطبية مَعَ شرحيها للفاسي وَأبي شامة والكشف وَالْبَيَان لمكي والأفراد لِابْنِ شُرَيْح وَغَيرهَا ولازم أَبَا عبد الله بن الْأَزْرَق فِي الْأَصْلَيْنِ والعربية والمنطق وَالْعرُوض والموجز وَغَيرهَا وَفِي غضونها قَرَأَ الرسَالَة لِابْنِ أبي زيد وقواعد عِيَاض فِي الْفِقْه وأوائل ابْن الْحَاجِب الفقهي وَجُمْلَة من بَاب الْحجر مِنْهُ وكتبا من أَوَائِل الْمُدَوَّنَة وَغَيرهَا على غير وَاحِد وَدخل الْقَاهِرَة فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ ليحوز مِيرَاث إِبْرَهِيمُ الْمَذْكُور فحج)
وَسمع بِمَكَّة على النَّجْم بن فَهد وَغَيره وَأخذ فِي الْقَاهِرَة عَن الْعَلَاء الحصني فِي الْأَصْلَيْنِ والمنطق وَالْحكمَة وَعَن حَمْزَة البجائي نزيل الشيخونية فِي الْمنطق والمعاني وَالْبَيَان وَلم يَنْفَكّ عَنهُ مُحْتملا لجفائه ويبسه حَتَّى أَنه رُبمَا كَانَ يختفي مِنْهُ الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَة فَأكْثر مَعَ مزِيد إحسانه الْخَفي إِلَيْهِ وَكَانَ جلّ انتفاعه بِهِ وَعَن أَحْمد بن عَاشر فِي الْمنطق أَيْضا فِي آخَرين ولازمني حَتَّى قَرَأَ الْمُوَطَّأ بِتَمَامِهِ مَعَ ألفية الْعِرَاقِيّ وَأَصلهَا بحثا وَسمع على الْكثير من تصانيفي وَغَيرهَا وَسمع على أبي السُّعُود الغراقي وحمدت وفور أدبه وعقله ومحاسنه وَسُرْعَة إِدْرَاكه وَحسن قلمه وَعبارَته. وَحصل لَهُ إجحاف فِي إِرْثه هُنَا وَهُنَاكَ وَقرر لَهُ السُّلْطَان راتبا فِي الجوالي وَصَارَ يُكرمهُ ثمَّ لم يزل يتطلف بِهِ حَتَّى اسْتَقر بِهِ فِي متجره باسكندرية كَابْن عَم وَالِده فدام فِيهِ سِنِين ثمَّ صرفه بالمحيوي عبد الْقَادِر بن عليبة وَلزِمَ هَذَا الِاشْتِغَال، وصاهر الشريف العواني على إبنته فَلَمَّا مَاتَ ابْن عليبة عين لضبط تركته وَنَحْوهَا وَتوجه ثمَّ عَاد فأعيد إِلَى الْوَظِيفَة بِزِيَادَة أرْغم عَلَيْهَا وألزم صهره بِالسَّفرِ مَعَه فَخرج مكْرها وودعاني حِين سفرهما فَمَا كَانَ بأسرع من وَفَاة الشريف هُنَاكَ وَاسْتمرّ الآخر حَتَّى أنهى مَا كلف بِهِ بمكابدة وديون ثمَّ حضر فرافع فِيهِ مغربي