مَوته فِي تدريس السودونية ثمَّ القجماسية المستجدة أول مَا فتحت ثمَّ قَضَاء الْحَنَفِيَّة بالديار المصرية، وَسكن الصالحية وانفصل عَن القجماسية وَلم تحمد سيرته بل ألصق بِهِ مَا يستهجن ذكره وَطلب لرأس نوبَة غير مرّة فأهين وشوفه بمكروه كَبِير بل أهين بِمَجْلِس السُّلْطَان وَصَارَ الْفُقَهَاء بِهِ عِنْد الأتراك مثلَة وَقيل فِيهِ:
(يَا حسرة وافت وَيَا ذلة ... لمصر بعد الْعِزّ والمرتقى)
(قد قهقرت لما ولي قَاضِيا ... الألكن الْغَزِّي يَا ذَا الشقا)
وَكَذَا قيل: أبكيت يَا مصر جَمِيع الْبِلَاد وَضَاقَتْ الأَرْض بهَا والفضا
(وَقَامَ نعيا لَك فِي كلهَا ... لما ولي ابْن المغربي القضا)
وَبِالْجُمْلَةِ فَلم يجد خصما يُكَافِئهُ وَلذَا توقف الْأَمر وتزايد الِابْتِلَاء بِهِ خُصُوصا وَعمل نقيبه بعض الْأَحْدَاث مِمَّن لَعَلَّه اتّفق مَعَه فِي الْمُقَاسَمَة وتزايدت بذلك أَمْوَاله، كل هَذَا مَعَ عقد لِسَانه الموازي للخرس وفقد الْبَهَاء الَّذِي لَا يخفى وَلَا على أكمه فِي مزِيد الْغَلَس ومزيد شحه حَتَّى على عِيَاله وتبديد أَمَانَته لَهُ لزِيَادَة أَمْوَاله، وَقد تزوج فِي أثْنَاء ولَايَته بكرا فحكت هِيَ وَأَهْلهَا من ذَلِك مَا يفوق الْوَصْف وَلَا أرى لَهُ ذكرا ولسان حَال أخصامه يَقُول: أشبعناك سبا وفزت بِالْإِبِلِ على إِنَّه تَامّ الْخِبْرَة بِالْأَحْكَامِ كثير الاستحضار لفروع الْمَذْهَب جيد الْكِتَابَة على الْفَتَاوَى من بَيت مَعْرُوف بِالْخَيرِ فِي غَزَّة وَمَا قيل مِمَّا شوفه بِهِ أَنه اتّفق لَهُ فِيهَا فَبَاطِل، وَلَا زَالَ يُجَاهد ويكابد وَيجمع وَيدْفَع إِلَى أَن كَانَ عَزله على أَسْوَأ حَال بعد استصفاء مَا زعم أَنه آخر مَا مَعَه بِحَيْثُ نزل عَن السودونية لبَعض نوابه وَسكن الأبوبكرية وَتردد إِلَيْهِ بعض الطّلبَة والمستفتين وَلم يتَّفق فِي عصرنا لقاض مَا اتّفق لَهُ إِلَّا إِن كَانَ السفطي، وَقد بسطت شَأْنه فِي الْقُضَاة.) ::: مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد بن مُوسَى بن مُحَمَّد خير الدّين أَبُو الْجُود بن نَاصِر الدّين ابْن الشَّمْس أبي عبد الله بن أبي عمرَان بن الشَّمْس أبي عبد الله الشنشي الأَصْل القاهري الْحَنَفِيّ الْمَاضِي أَبوهُ وَأحد النواب وَيعرف جده بِابْن الْجلَال وَهُوَ بالشنشي. ولد فِي منتصف رَجَب سنة تسع عشرَة وَثَمَانمِائَة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وكتبا واشتغل فِي الْفِقْه وَأَصله ولافرائض والنحو وَالصرْف والمنطق وَالْعرُوض والمعاني وَغَيرهَا حَتَّى تميز وَأذن لَهُ فِي التدريس والإفتاء وَولي الْإِعَادَة بالصرغتمشية بعد شَيْخه الإردبيلي وتصدى لفصل الْأَحْكَام وَتوسع جدا فانحطت مرتبته بذلك عَن كثيرين مِمَّن هُوَ أرفع مِنْهُم وأقدم وَمن شُيُوخه الزين التفهني وَابْنه وَكَانَ سبط عمته وَأَبُو الْعَبَّاس السرسي وَالْجمال عبد الله الإردبيلي وَمُحَمّد الرُّومِي وَسعد الدّين بن