فَنَشَأَ ابْنه فحفظ الْقُرْآن عِنْد الشَّمْس النحريري السعودي وجوده عِنْده وَأَظنهُ حفظ الْعُمْدَة وَسمع على رقية ابْنة ابْن الْقَارِي وتلا على الْبُرْهَان المارداني بل جمع للسبع على الْعَلَاء القلقشندي وَكَانَ فَقِيه ولديه وقتا وَقَرَأَ عَلَيْهِ فِي بعض التقاسيم واشتغل بالميقات ومتعلقاته على الْبَدْر القباني أحد صوفية البيبرسية وبرع فِيهِ وَفِي القراآت وَكَانَ صيتًا حسن الْأَدَاء تصدى لتعليم الْأَبْنَاء فَانْتَفع بِهِ وَكنت مِمَّن قَرَأَ عِنْده يَسِيرا، وسجن فِي وَقت لرُؤْيَته هِلَال رَمَضَان حَتَّى يَأْتِي من يشْهد بِهِ مَعَه فعاهد الله أَن لَا يشْهد بِرُؤْيَة الْهلَال، وَكَذَا لما اسْتَقر دولات باي المؤيدي فِي نظر جَامع الْحَاكِم مَسّه مِنْهُ بعض الْمَكْرُوه فبادر إِلَى السّفر لمَكَّة فِي الْبَحْر فغرقت الْمركب فتوصل لجزيرة هُنَاكَ رَجَاء أَن يمر بِهِ من يحملهُ فَمَا اتّفق ودام بهَا عَن تخلي عَن نَفسه.)
وَمَات وَذَلِكَ بعد سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين رَحمَه الله. مُحَمَّد بن عمر بن حُسَيْن بن حسن الْجلَال بن السراج الْعَبَّادِيّ الأَصْل الاقهري الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ. ولد فِي ثَانِي عشر رَجَب سنة ثَمَان وَعشْرين وَثَمَانمِائَة بسوق أَمِير الجيوش وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن عِنْد عَمه الْمُحب والمنهاج وَأخذ عَنهُ مَجْمُوع الكلائي ولازم وَالِده فِي الْفِقْه وَقِرَاءَة الحَدِيث وَقَرَأَ أَيْضا على صهره الْجمال بن أَيُّوب الْخَادِم الشفا وَكَذَا سمع الْكثير على شَيخنَا وَسَارة ابْنة ابْن جمَاعَة فِي آخَرين وَمِمَّا سَمعه مجَالِس من البُخَارِيّ فِي الظَّاهِرِيَّة وَأَجَازَ لَهُ الْبُرْهَان الْحلَبِي والكمال اعلكازروني وَآخَرُونَ مِنْهُم الْبَدْر حُسَيْن البوصيري وَولي توقيع الدرج ثمَّ تلقى عَن الْبُرْهَان العرياني توقيع الدست وتنزل فِي الْجِهَات وَاسْتقر بعد صهره فِي خدمَة سعيد السُّعَدَاء وَبعد وَالِده فِي تدريس الْفِقْه بالبرقوقية وَفِي غير ذَلِك وسافر مَعَ أَبِيه لمَكَّة صَغِيرا ثمَّ حج مَعَه فِي سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وبانفراده بعد ذَلِك وَدخل اسكندرية ودمياط وَغَيرهمَا. ونظم كثيرا من ذَلِك قصيدة نبوية حاكى بهَا قصيدة شَيخنَا الَّتِي أَولهَا: مَا دمت فِي سفن الْهوى تجْرِي بِي أَولهَا:
(سوابق الْعِشْق للأحباب تجْرِي بِي ... لما شربت الْهوى صرفا لتجري بِي)
وَعِنْدِي من نظمه بِخَطِّهِ فِي التَّارِيخ الْكَبِير غير هَذَا وَهُوَ كثير الودد والتأدب. مَاتَ فِي ربيع الثَّانِي سنة ثَلَاث وَتِسْعين بعد أَن رغب فِي تدريس البرقوقية لِابْنِ النَّقِيب رَحمَه الله وإيانا. مُحَمَّد كَمَال الدّين أَخُو الَّذِي قبله وَأمه وَالِدَة شمس الدّين مُحَمَّد بن الذَّهَبِيّ وَالِد سعد الدّين مُحَمَّد أحد الْفُضَلَاء. ولد فِي رَمَضَان سنة أَربع وَأَرْبَعين وَنَشَأ فِي كنف أَبَوَيْهِ وَحفظ الْقُرْآن وَشهد بعض دروس أَبِيه بل سمع فِي البُخَارِيّ بالظاهرية