ولي كِتَابَة بَيت المَال بِدِمَشْق وَقدم سَببه الْقَاهِرَة خوفًا من معاكسة مخدومه أبي الْخَيْر النّحاس وَصعد إِلَى الظَّاهِر فَأكْرمه وصادف ذَلِك ابْتِدَاء انخفاض النّحاس فَاقْتضى ذَلِك ظُهُور ثَمَرَة مَجِيئه بل عرض عَلَيْهِ الظَّاهِر مشيخة الصلاحية بِبَيْت الْمُقَدّس فَأبى كَمَا أَنه أَبى قَضَاء دمشق حِين عرض عَلَيْهِ، وَلم يزل أمره فِي ازدياد وحرمته وشهرته مستفيضة بَين الْعباد إِلَى أَن حج فِي سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ ورام الْمُجَاورَة بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّة فَمَنعه مَا كَانَ يَعْتَرِيه من وجع فِي بَاطِنه وَلم يزل بِهِ ذَلِك الوجع حَتَّى مَاتَ بعد رُجُوعه بِيَسِير فِي لَيْلَة الثُّلَاثَاء سادس عشري صفر سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَدفن من الْغَد وَكَانَت جنَازَته حافلة بِحَيْثُ قيل أَنه لم ير فِي هَذَا الْقرن بِدِمَشْق نظيرها وَحمل نعشه على الْأَصَابِع وَكَانَ ذَلِك زمن الشتَاء فَلَمَّا حمل نعشه أمْطرت فَلَمَّا وضع سكن الْمَطَر، وَعظم تأسف الْعَامَّة وَكثير من الْخِيَار عَلَيْهِ رَحمَه الله وسامحه وإيانا وَقد لَقيته بمشهد الإِمَام عَليّ فِي الْجَامِع الْأمَوِي مَحل إِقَامَته وَكَذَا بِمَكَّة وَلست أعلم فِيهِ مَا يعاب إِلَّا منابذته للحنابلة والمحدثين وَشدَّة تعصبه فِي أُمُور كَثِيرَة رُبمَا تخرجه عَن الطّور المتخلق بِهِ وَلما اجْتمعت بِهِ بِدِمَشْق وَسمعت مِنْهُ تصريحه بِرُجُوعِهِ عَن الرِّوَايَة عَن ابْن نَاصِر الدّين سَأَلته عَن سَببه فَلم أر مِنْهُ إِلَّا مُجَرّد عناد وتعصب وَكَذَا رَأَيْت مِنْهُ نفرة عَن شَيخنَا سَببهَا فِيمَا يظْهر تقريضه مُصَنف أَولهمَا فِي الِانْتِصَار لِابْنِ تَيْمِية وَقد كتب لناظر الْخَاص مطالعة فِيهَا حط زَائِد على الخيضري ومبالغة تَامَّة، بل حكى لي صاحبنا السنباطي أَنه سمع مِنْهُ بِمَكَّة قَوْله: قد مَاتَ ابْن حجر وَمَا بَقِي إِلَّا الترحم عَلَيْهِ فالمحدثون يقطعون ويحذفون أَو كَمَا قَالَ نسْأَل الله السَّلامَة والتوفيق وَقد تَرْجَمته فِي معجمي وَغَيره بأطول من هَذَا، وَبِالْجُمْلَةِ فَكَانَ للشام بِهِ جمال. مُحَمَّد بن عبد الله بن زَكَرِيَّا اليمني البعداني بموحدة ثمَّ مهملتين وَآخره نون بَلْدَة من مخلاف جَعْفَر بِالْيمن الشَّافِعِي نزيل الْحَرَمَيْنِ. قَالَ الفاسي: كَانَ خيرا صَالحا مؤثرا منور الْوَجْه كثير الْعِبَادَة لَهُ إِلْمَام بالفقه والتصوف، جاور بالحرمين نَحْو ثَلَاثِينَ سنة على طَريقَة)

حَسَنَة من الْعِبَادَة وَسَمَاع الحَدِيث والاشتغال بِالْعلمِ وتمشيخ على الْفُقَرَاء برباط دكالة بِالْمَدِينَةِ وعمره بِمَال سعى فِيهِ عِنْد بعض بني الدُّنْيَا. وَبهَا توفّي فِي الْعشْر الْأَخير من ذِي الْحجَّة سنة عشر وَدفن بِالبَقِيعِ وَهُوَ فِي عشر السِّتين، وَكَانَ من وُجُوه أهل بعدان أَصْحَاب الشَّوْكَة بهَا وَذكره المقريزي فِي عقوده رَحمَه الله وإيانا. مُحَمَّد بن عبد الله بن سعد بن أبي بكر بن مصلح بن أبي بكر بن سعد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015