من الصالحية النجمية من الْقَاهِرَة وَنَشَأ بهَا فِي كنف أَبِيه فِي نعْمَة ورفاهية عَيْش فحفظ الْقُرْآن وعدة مختصرات وتلاه لأبي عَمْرو على الْفَخر الضَّرِير إِمَام الْأَزْهَر واشتغل بالفقه على السراجين البُلْقِينِيّ وَابْن الملقن ولازم ثَانِيهمَا وَكَذَا أَخذ الْوَجِيز للغزالي سَمَاعا وَقِرَاءَة لبعضه عَن الْبَدْر بن أبي الْبَقَاء والتنبيه وَثَلَاثَة أَرْبَاعه الأولى بقراءتهعن عَبَّاس بن أَحْمد الْفَقِيه الشَّافِعِي نزيل جَامع أصلم وَبِالْحَدِيثِ على الزين الْعِرَاقِيّ أَخذ عَنهُ عُلُوم الحَدِيث لِابْنِ الصّلاح وَبَعضه بقرَاءَته فِي سنة سبع وَثَمَانِينَ بحثا وتحقيقا والعربية عَن الشَّمْس الغماري أَخذ عَنهُ الْفُصُول ليحيى بن عبد الْمُعْطى فِي سنة سبع وَتِسْعين مَعَ حسن التوسل إِلَى صناعَة الترسل لأبي الثَّنَاء مَحْمُود بن فَهد وَأذن لَهُ ابْن الملقن فَمن بعده فِي الإقراء كل وَأخذ للفن وَغَيره وَلبس الْخِرْقَة الصُّوفِيَّة من الشَّمْس أبي عبد الله مُحَمَّد بن مَنْصُور الْمَقْدِسِي وَأخذ عَنهُ العوارف للسهروردي وجود الْخط على بعض الْكتاب، وَحج بِهِ أَبوهُ وَهُوَ صَغِير ثمَّ حج بِنَفسِهِ مرَّتَيْنِ وَسمع بِمَكَّة على قاضيها عَليّ النويري الشَّافِعِي وَغَيره، وسافر إِلَى بِلَاد الشَّام مرَارًا أَولهَا صُحْبَة الظَّاهِر برقوق، وَسمع بِدِمَشْق على أبي هُرَيْرَة بن الذَّهَبِيّ والكمال بن نصر الله بن النّحاس، وبحلب عَليّ ابْن أيدغمش وَغَيره، وَدخل اسكندرية ودمياط وَغَيرهمَا وَأكْثر من السماع فِي صغره)
ثمَّ كبره وتميز قَلِيلا وَضبط الْأَسْمَاء وَكتب الطباق وَدَار على الشُّيُوخ وَرُبمَا جِيءَ بهم إِلَى منزلهم، وَكَانَ جلدا على الأسماع صبورا عَلَيْهِ وَوَقع فِي الدست وَهُوَ صَغِير عوضا عَن نَاصِر الدّين بن الطواشي فِي أَيَّام الْبَدْر بن فضل الله وَعظم اخْتِصَاصه بِهِ وَبِغَيْرِهِ من الْأَعْيَان وراج أمره فِيهِ وَقَرَأَ بَين يَدي الظَّاهِر برقوق نِيَابَة بل ذكر لكتابة السِّرّ وَأقَام شيخ الموقعين مُدَّة حَتَّى عَزله عَنْهَا الْبَدْر مَحْمُود الكلستاني صَاحب ديوَان الْإِنْشَاء لتشنيعه عَلَيْهِ حِين رام تَغْيِير المصطلح على طَريقَة أهل البلاغة مَعَ الاعتناء بالمناسبات فَلم يُمكن عوده حَتَّى مَاتَ الْبَدْر، هَذَا كُله بعد أَن وَقع كَمَا قَالَ شَيخنَا على الْقُضَاة ثمَّ فِي الدرج، وَكَذَا ولي نظر الدِّيوَان الْخَاص بخاص السُّلْطَان وديوان المستأجرات والذخيرة السُّلْطَانِيَّة مُدَّة، وعلت مَنْزِلَته لَكِنَّهَا انحطت فِي الدولة المؤيدية بِالنِّسْبَةِ لما تقدم وتناقصت كثيرا فِي الدولة الأشرفية وَانْقطع عَن الْخدمَة فِي أَوَاخِر عمره وَصَارَ أقدم الموقعين وَغَيرهم يسير على قَاعِدَة السّلف بفوقانية طوقها صَغِير جدا ويركب بِدُونِ مهماز وَلَا دبوس وَنَحْو هَذَا، وَكَانَ شَيخا حسنا ثِقَة محتشما جميل الطَّرِيقَة دينا كثير