)

الْمَذْكُور الصَّحِيحَيْنِ والشفا بالروضة وَأَبُو الْفَتْح بن تَقِيّ وَآخَرُونَ، وَلم يلبث أَن قتل أَخُوهُ الْكَمَال الْمَذْكُور قبله فَكَانَ ذَلِك سَبَب انْتِقَاله لمَكَّة واستيطانه إِيَّاهَا من سنة أَربع وَأَرْبَعين حَتَّى مَاتَ، وَولي بهَا مشيخة التصوف بالخانقاة الزمامية بعد موت شيخها أَحْمد الْوَاعِظ فِي سنة خمسين ثمَّ مشيخة الصُّوفِيَّة بالجمالية مَعَ اسماع الحَدِيث أول مَا أنشئت فِي سنة سبع وَخمسين وَجعل وَقت حُضُورهَا عقب صَلَاة الصُّبْح لأَجله، وَكَذَا اسْتَقر بِهِ الظَّاهِر جقمق فِي إسماع الحَدِيث وَحدث فِيهَا بالكتب السِّتَّة وبجل مروياته وَأخذ عَنهُ الأكابر وَقَرَأَ عَلَيْهِ التقي بن فَهد بِالْيمن، وَكنت مِمَّن أَخذ عَنهُ الْكثير وَبَالغ فِي الْإِكْرَام حَتَّى أَنه التمس مني حَسْبَمَا كتبه بِخَطِّهِ الْإِجَازَة لوَلَده وَكَانَ يسْلك فِي تحديثه التَّحَرِّي والتشدد وَيُصلي على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ويترضى عَن الصَّحَابَة كلما جرى ذكرهم ويفتتح الْمجْلس بِالْفَاتِحَةِ وبسورة الْإِخْلَاص ثَلَاثًا ويهديها لمشايخه، كل ذَلِك مَعَ الثِّقَة وَالْأَمَانَة والصدق وَالْعِبَادَة والزهد والورع والهيبة وَالْوَقار وسلوك الْأَدَب وتسكين الْأَطْرَاف وَنور الشيبة والتواضع والهضم لنَفسِهِ وَكَثْرَة التِّلَاوَة وَطرح التَّكَلُّف فِي مَسْكَنه ومطعمه وملبسه والتقنع باليسير والاقتصاد وَحسن التأني والإنجماع عَن النَّاس والإقبال على مَا يهمه وَقلة الْكَلَام فِيمَا لَا يعنيه وَشدَّة التَّحَرِّي فِي الطَّهَارَة وَالْغَضَب لله وَعدم الْخَوْف فِيهِ من لوم لائم وَحسن الِاعْتِقَاد فِي المنسوبين للصلاح، سالكا طَريقَة شَيْخه فِي تَحْسِين الظَّن بِابْن عَرَبِيّ مَعَ صِحَة عقيدته وَرُبمَا عيب بذلك بِحَيْثُ سَمِعت من شَيخنَا إِنْكَاره عَلَيْهِ وَعدم ارتضائه لاختصار فتح الْبَارِي، وَكَانَ الشَّيْخ مُحَمَّد الكيلاني الْمقري وَغَيره يناكده وينكر إِقَامَته برباط ربيع فِي سفح أجياد الصَّغِير وَهُوَ صابر، ولشدة تحريه قل من كَانَ يحسن الْقِرَاءَة عَلَيْهِ سِيمَا وَفِي خلقه وَشدَّة. وَقد قَالَ البقاعي إِنَّه تقدم فِي الْعُلُوم وبرع جدا سِيمَا فِي الْفِقْه وَغلب عَلَيْهِ الِانْقِطَاع عَن النَّاس والتخلي وَالْعُزْلَة وَلُزُوم بَيته مَعَ حسن سمته وَكَثْرَة تواضعه وهضم نَفسه واقتصاده وَحسن تأنيه، وَقتل الرافضة أَخَاهُ يَعْنِي كَمَا تقدم فَعَفَا عَن الْقَاتِل إِلَى الْقِيَامَة انْتهى.

وَلم يزل على أَوْصَافه حَتَّى مَاتَ وَهُوَ ممتع بحواسه شَهِيدا بالبطن بِمَكَّة فِي لَيْلَة الْأَحَد سادس عشر الْمحرم سنة تسع وَخمسين وَصلى عَلَيْهِ ضحى عِنْد بَاب الْكَعْبَة وَدفن بالمعلاة بِالْقربِ من خَدِيجَة الْكُبْرَى والفضيل بن عِيَاض، وَكَانَ لَهُ مشْهد عَظِيم وَصلى عَلَيْهِ بالجامع الْأمَوِي من دمشق وَبِغَيْرِهِ صَلَاة الْغَائِب، وَهُوَ فِي عُقُود المقريزي وَقَالَ أَنه جال فِي الْبِلَاد)

وبرع ف الْفِقْه وَغَيره رَحمَه الله وإيانا.

مُحَمَّد نَاصِر الدّين أَبُو الْفرج أَخُو الثَّلَاثَة قبله وشقيق ثانيهم ووالد الشَّمْس

طور بواسطة نورين ميديا © 2015