للصلاحية فِي بَيت الْقُدس ثمَّ اسْتَقل بِهِ بعد مَوته وَبعد بِيَسِير خطبه الظَّاهِر جقمق لسابق معرفَة بِهِ من مجْلِس الْعَلَاء البُخَارِيّ لقَضَاء دمشق فَأجَاب بعد شدَّة تَمنعهُ واختفائه وَكتب فِي توقيعه مَا كَانَ فِي توقيع الْبُرْهَان بن جمَاعَة وجهز بِجَمِيعِ مَا يحْتَاج إِلَيْهِ من مركوب وملبوس وَغَيرهمَا، وسافر فِي إِحْدَى الجماديين سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين فَسَار فِيهِ أحسن سيرة وَلكنه صرف لشكوى نائبها مِنْهُ عَن قرب وَتوجه لِلْحَجِّ ثمَّ رَجَعَ مِنْهُ إِلَى الْقَاهِرَة أول الَّتِي تَلِيهَا وَلم يلبث أَن عين لقَضَاء مصر فِي ثَانِي صفرها فَمَا تمّ بل عَاد لدمشق على قَضَائهَا أَيْضا بعد تمنع وتعلل وَاشْتِرَاط مِنْهُ لإعادة مَا أخرج عَن القَاضِي من الْوَظَائِف فَأُجِيب، وسافر فِي ذِي الْقعدَة مِنْهَا فَلَزِمَ طَرِيقَته فِي تحري الْعدْل إِلَى أَن قدم الْقَاهِرَة فِي ذِي الْحجَّة سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَهُوَ على قضائة ثمَّ استعفى مِنْهُ بعد يسير إِلَى أَن اسْتَقر فِي تدريس الصلاحية الْمُجَاورَة للشَّافِعِيّ فِي الْمحرم سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وتصدى من حِين قدومه على عَادَته للإقراء فازدحم عَلَيْهِ الْأَعْيَان وأقرأ فِي الرَّوْضَة من موضِعين فِي مجْلِس حافل وَغير ذَلِك حَتَّى أَنه أَقرَأ شرح جَمِيع الْجَوَامِع للمحلي، وَاسْتمرّ حَتَّى مَاتَ فِي يَوْم الثُّلَاثَاء سَابِع صفر من الَّتِي تَلِيهَا وَصلى عَلَيْهِ رَفِيقه القاياتي قَاضِي الشَّافِعِيَّة حِينَئِذٍ بِجَامِع المارداني وَدفن بالتنكزية الْمَذْكُورَة، وَكَانَ أماما عَلامَة فَقِيها أصوليا نحويا قوي الحافظة سِيمَا لفروع الْمَذْهَب مَا سَمِعت فِي تَقْرِير الْفِقْه أفْصح مِنْهُ وَلَا أطلق عبارَة، شهما عالي الهمة غزير الْمُرُوءَة متين الدّيانَة مَعْرُوفا بالصيانة وَالْأَمَانَة ذَا أبهة وشكالة وتودد وحرص على الْعِبَادَة والتهجد، ومحاسنه جمة، وَأخذ النَّاس عَنهُ طبقَة بعد أُخْرَى وَهُوَ أحد الْأَئِمَّة الَّذين أَحْيَا الله بهم الْعلم قَالَ أَبُو البركات الغراقي: لما توجه شَيخنَا الْبرمَاوِيّ لدمشق قلت لَهُ ياسيدي لمن تتركنا فَقَالَ الزم فلَانا وَأَشَارَ إِلَيْهِ فانه عَالم صَالح: وَقد تَرْجَمته فِي المعجم والوفيات وَغَيرهمَا وترجمة الْعَيْنِيّ بِمَا يعجب مِنْهُ والمقريزي وَآخَرُونَ. وَقَالَ بعض)

الشاميين أَنه بَاشر بعفة وَحرمه وصرامة وَشدَّة بَأْس على الظلمَة وشبههم لَكِن مَعَ عدم دربة بالأمور وَقلة دُخُول فِي الْأَحْكَام بل إِذا رفعت لَهُ قَضِيَّة عقدهَا مَا أمكنه ثمَّ لَا يعْمل فِيهَا شَيْئا، ونقم عَلَيْهِ أَنه لما عَاد الْمرة الثَّانِيَة قبض معاليم الأنظار والتداريس مُدَّة غيبته وَهِي طَوِيلَة، ودرس فِي الغزالية والعادلية والبادرائية وَدَار الحَدِيث الاشرفية وَلم يقتف أثر من قبله فِي أَيَّام التدريس وَكتب محضرا فِي الْحِمصِي بِسَبَب مغل. التمسه البيمارستان المنصوري.

مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن الطنبغا نَاصِر الدّين الدمرداشي الْحَنَفِيّ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015