لصنيعه ورام الْإِيقَاع بِهِ ففر مِنْهُ إِلَى الْقَاهِرَة. وَبِالْجُمْلَةِ فالغالب عَلَيْهِ المجون والهزل مَعَ تقدمه جدا فِي فنون الْأَدَب حَتَّى صَار شَاعِر الشَّام فِي وقته بِدُونِ مدافع وَلَكِن لم تكن طبقته فِي النثر عالية، وسلك بِأخرَة الطَّرِيق الْمثْلِيّ وتصون وتعفف وَكَانَ كثير الْمُرُوءَة وَله تصانيف كَثِيرَة مِنْهَا الإمتاع بالاتباع رتبه على الْحُرُوف والإمداد فِي الأضداد ومحبوب الْقُلُوب وملاذ الشواذ ذكر فِيهِ شواذ الْقُرْآن من جِهَة اللُّغَة الْعَرَبيَّة وطرف اللِّسَان بطرق الزَّمَان بِفَتْح الطَّاء فِي الأولى ذكر فِيهِ أَسمَاء الْأَيَّام والشهور الْوَاقِعَة فِي اللُّغَة أَجَاد فِيهِ وَكتاب اللُّغَة رتبه على الْحُرُوف وخاتمه فِي النَّوَادِر والنكت وأرجوزة نَحْو ثلثمِائة بَيت ذكر فِيهَا من روى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الصَّحَابَة وَعدد مَا لكل مِنْهُم من الحَدِيث سَمَّاهَا رونق الْمُحدث مرموزة بالجمل وَتَحْصِيل الأدوات بتفصيل الوفيات فِي بَيَان من علم مَحل مَوته من الصَّحَابَة ومطالب المطالب فِي معرفَة تَعْلِيم الْعُلُوم ودربتها وَمَعْرِفَة من هُوَ أهل لذَلِك وَنِهَايَة الأمنيات فِي الْكَلَام على حَدِيث الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ وَشرح ألفية ابْن ملك الْمُسَمّى طرح الْخَصَاصَة بشرح الْخُلَاصَة مزج فِيهِ الْمَتْن مَعَ الشَّرْح، وَكَانَ قد صاهر الْمجد اللّغَوِيّ فلازمه وَسمع مَعَه على جمَاعَة كَأبي الْحرم القلانسي وَعبد الْوَهَّاب بن أبي الْعَلَاء، وَحدث سمع عَنهُ الْفُضَلَاء روى لنا عَنهُ غير وَاحِد بل سمع مِنْهُ شَيخنَا وَذكره فِي مُعْجَمه فَقَالَ: سَمِعت عَلَيْهِ جُزْءا وأنشدني من نظمه كثيرا من قصائده ومقاطيعه وطارحته بلغز فَأَجَابَنِي)

عَنهُ، وَقَالَ فِي إنبائه إِنَّه عني بالأدب وَمهر فِي اللُّغَة وفنون الْأَدَب وَشهد فِي الْقيمَة وَقَالَ الشّعْر فِي صباه ومدح الْأَشْرَف شعْبَان لما فتح مدرسته بقصيدة أنشدت بِحَضْرَتِهِ وَكَذَا مدح أَبَا الْبَقَاء وَولده والبرهان بن جمَاعَة بل هجاه أَيْضا فَمن بعدهمْ كالجلال البُلْقِينِيّ فَإِنَّهُ امتدحه بقصيدة لامية طَوِيلَة جدا سَمعتهَا من لَفظه وفيهَا جلال الدّين يمدحه الْجلَال وَتقدم فِي الإجادة حَتَّى صَار شَاعِر عصره بِغَيْر مدافع، وَقد طلب الحَدِيث بِنَفسِهِ كثيرا وَسمع من القلانسي فَمن بعده ولازم الْمجد الشِّيرَازِيّ صَاحب اللُّغَة وصاهره، وَكَانَ بعد الْفِتْنَة أَقَامَ بِالْقَاهِرَةِ مُدَّة فِي كنف ابْن غراب ثمَّ رَجَعَ إِلَى بيسان من الْغَوْر الشَّامي وَكَانَ لَهُ بهَا وقف فسومح بخراج ذَلِك وَأقَام هُنَاكَ حَتَّى مَاتَ فِي ربيع الأول أَو صفر سنة إِحْدَى عشرَة سَمِعت مِنْهُ من شعره وَمن حَدِيثه وطارحته ومدحني. قلت: وَطول المقريزي فِي عقوده تَرْجَمته بالأشعار وَغَيرهَا وَهُوَ الْقَائِل:

(يَا عين إِن بعد الحبيب وداره ... ونأت مرابعه وشط مزاره)

(فَلَقَد حظيت من الزَّمَان بطائل ... إِن لم تريه فَهَذِهِ آثاره)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015