(إِذا اعتذر الْفَقِير إِلَيْك يَوْمًا ... تجَاوز عَن مَعَاصيه الكثيره)
(فَإِن الشَّافِعِي روى حَدِيثا ... بأسناد صَحِيح عَن مغيره)
(بِأَن قَالَ النَّبِي يقيل رَبِّي ... بِعُذْر وَاحِد ألفى كبيره)
قَالَ: وَحضر مجْلِس الحَدِيث بالقلعة فِي رَمَضَان سنة أَربع وَثَلَاثِينَ فَوَقَعت مِنْهُ فلتات لِسَان حمله عَلَيْهَا بعض النَّاس فِيمَا زعم ثمَّ اعتذر عَن ذَلِك ورام من السُّلْطَان أمرا فَلم يصل إِلَيْهِ فَتوجه فِي آخرهَا إِلَى بِلَاد الرّوم فِي الْبَحْر ثمَّ عَاد فِي أثْنَاء سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَحضر جلس أَيْضا وَجرى على سنَنه الْمَعْرُوف فِي حِدة الْخلق والشراسة وَغير ذَلِك مِمَّا يُشَاهِدهُ الْحَاضِرُونَ وَلَيْسَ)
بمدفوع عَن الْعلم والاستعداد وَلكنه يحب الشُّهْرَة ورام الِاسْتِقْرَار فِي مشيخة الشيخونية فَلم يتهيأ لَهُ فَلَمَّا كَانَ سنة أَرْبَعِينَ جرى الْكَلَام فِي الْمجْلس فحط على شيخها يَعْنِي الشّرف أَبَا بكر بن إِسْحَق الْمَلْطِي باكيرا بِمَجْلِس السُّلْطَان وكفره فجر ذَلِك إِلَى إِحْضَاره لمجلس الشَّرْع وَادّعى عَلَيْهِ فَأنْكر وَزعم أَن الأعوان أهانوه ثمَّ عقد لَهُ مجْلِس بِحَضْرَة السُّلْطَان فأصلحوا بَينهمَا وَضعف بعد ذَلِك وَانْقطع مُدَّة إِلَى أَن شَارف الْعَافِيَة وَأَرَادَ دُخُول الْحمام فَسقط من سَرِيره فانفك وركه فَانْقَطع مُدَّة أُخْرَى إِلَى أَن مَاتَ وَالله يعْفُو عَنهُ فِي سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين يَعْنِي فِي لَيْلَة أحد الْعشْرين من رَمَضَان، وَتقدم للصَّلَاة عَلَيْهِ الْحَنَفِيّ وشق ذَلِك على الشَّافِعِي يَعْنِي الْعلم البُلْقِينِيّ، زَاد غَيره وَدفن بمقبرة بَاب النَّصْر، وَكَانَ متضلعا من الْعُلُوم مِمَّن حضر فِي ابْتِدَاء مناظرات التَّفْتَازَانِيّ وَالسَّيِّد بِحَضْرَة تيمور وَغَيره فحفظ تِلْكَ الأسئلة والأجوبة الفخمة وأتقنها غير أَنه كَانَ مبغضا للنَّاس لطيشه وحدة مزاجه وجرأته واستخفافه بِمن يبْحَث مَعَه وَمَا وَقع مِنْهُ فِي حق شَيخنَا مَعْرُوف، وتصدى فِي القدمة الثَّانِيَة للإشغال وانضم إِلَيْهِ الطّلبَة فَلم تطل أَيَّامه، وَكَذَا قَالَ الْعَيْنِيّ: كَانَ عَالما محققا بحاثا دينا، وَقَالَ المقريزي فِي عقوده وَغَيرهَا: كَانَ فَاضلا فِي عدَّة عُلُوم مَعَ طيش وخفة وجرأة بِلِسَانِهِ على مَا لَا يَلِيق وفحش فِي مخاطبته عِنْد الْبَحْث مَعَه عَفا الله عَنهُ.
عَليّ بن مُوسَى بن أبي بكر بن مُحَمَّد الشيبي من بني شيبَة حجبة الْكَعْبَة قريب مُحَمَّد بن أَحْمد بن حُسَيْن بن أبي بكر الْآتِي. دخل جد أَبِيه مُحَمَّد الْيمن فوصل إِلَى حرض فَخرج إِلَى الْحَادِث سَاحل مور وَهُوَ وَاد عَظِيم بِهِ عدَّة قرى مِنْهَا الحسانية قَرْيَة أبي حسان بن مُحَمَّد الْأَشْعَرِيّ وَكَانَ مِمَّن يعْتَقد فأتفق وُقُوع فتْنَة بَين طائفتين من قومه قتل فِيهَا قَتِيل فاستوهب دَمه فَقَالُوا لَهُ: بِشَرْط أَن تسكن مَعَه فَأَسَّسَ لَهُم مَكَان قَرْيَة فسكنوه وَهُوَ مَعَهم فنسبت إِلَيْهِ، واتسعت دُنْيَاهُ لقصده بالنذور من