سليم الْفطْرَة وَلذَلِك تُؤثر عَنهُ ماجريات لَا أطيل بإيرادها لاختلاق الْكثير مِنْهَا حَتَّى قيل أَنَّهَا أفردت فِي مُصَنف لقب الحطام الفاني وَلما كثر تحاكي مَا ينْسب إِلَيْهِ من ذَلِك راسل بإزاحته من الميعاد الْجلَال البُلْقِينِيّ وَمن الْفتيا الشَّمْس الْبِسَاطِيّ قَالَ بَعضهم: وَكنت عِنْده حِين إرْسَال الأول فتألم وَلكنه مَا تمّ، وَادّعى بِأخرَة أَنه شرِيف بِسَبَب مَنَام رَآهُ لَا دَلِيل فِيهِ على مَا ادَّعَاهُ وَهُوَ كَأَن سَبْعَة عبيد أَرَادوا قَتله فجَاء الإِمَام عَليّ فخلصه مِنْهُم وأوقفهم فِي الشَّمْس، وَذكره شَيخنَا فِي إنبائه وَقَالَ أَنه اشْتغل قَلِيلا ومارس الْعَرَبيَّة، وَكَانَ جَهورِي الصَّوْت مَشْهُور الصيت قَلِيل التَّحْقِيق كثير الدَّعْوَى حسن الْبشر مكرما للطلبة ودرس بعدة أَمَاكِن وأسمع البُخَارِيّ مُدَّة بالجامع الْأَزْهَر وَوَصفه فِي رِسَالَة إِلَيْهِ بشيخ الْإِسْلَام وَصرح بِتَأْوِيل ذَلِك لمن أنكرهُ. وَكَذَا قَالَ المقريزي أَنه كَانَ دينا خيرا لَهُ مُرُوءَة وَقُوَّة وأفضال وكرم نفس وهمة عالية قل أَن يُوجد فِي أَبنَاء جنسه فِي نوع الْكَرم مثله. مَاتَ فِي يَوْم الثُّلَاثَاء سادس عشري ذِي الْقعدَة سنة أَربع وَأَرْبَعين بمنزله من جَامع الْأَقْمَر وَدفن من الْغَد بتربة ابْن جمَاعَة بِالْقربِ من الصُّوفِيَّة وَقد ناف على الثَّمَانِينَ وحواسه سليمَة رَحمَه الله وإيانا. وَمِمَّا حَكَاهُ الشهَاب الريشي أَنه سَأَلَ فِي درسه سؤالا ثمَّ قَالَ على عَادَته:

(إِذا كنت لَا تَدْرِي وَلم تَكُ بِالَّذِي ... يسائل من يدْرِي فَكيف إِذا تَدْرِي قَالَ الشهَاب وَكنت أنعس)

فَاسْتَيْقَظت وَقلت:

(جهلت وَلم تَدْرِي بأنك جَاهِل ... فَكُن هَكَذَا أَرضًا يطأك الَّذِي يدْرِي)

(وَمن عجب الْأَشْيَاء أَنَّك لَا تَدْرِي ... وَأَنَّك لَا تَدْرِي بأنك لَا تَدْرِي)

قَالَ فبهت وَلم يجب بِكَلِمَة. وَذكره المقريزي فِي عقوده وَأَنه صَحبه زِيَادَة على خمسين سنة فَمَا علم عَلَيْهِ إِلَّا خيرا وبلي بحساد وضعُوا عَلَيْهِ شناعات من الْجَهْل وَأرَاهُ بَعيدا عَنْهَا.

عَليّ بن عمر بن حُسَيْن بن عَليّ بن شرف الزفتاوي الأَصْل القاهري المقسي الشَّافِعِي أَخُو)

عبد الْقَادِر وَأحمد وَذَا أَصْغَر الثَّلَاثَة. اشْتغل يَسِيرا وَقَرَأَ عَليّ شَيْئا وولع بالميقات وخدم بِهِ عِنْد قجماس وسافر مَعَه إِلَى دمشق ثمَّ فَارقه وَتوجه مَعَ أبي الْبَقَاء بن الجيعان لذَلِك حِين سَافر فِي أَوَائِل شَوَّال سنة تسع وَثَمَانِينَ إِلَى طيبَة للنَّظَر فِي أمرهَا ثمَّ يحجّ وَكَذَا حج بعد مَعَ جَان بلاط فِي سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَكَانَ لِأَبِيهِ إِلَيْهِ أتم ميل ويتألم من أَخَوَيْهِ لاختصاصهما دونه فَلم يكن بأسرع من ذهَاب مَا مَعَهُمَا وَاسْتمرّ هَذَا مَسْتُورا حَتَّى صَار أحد مؤذني السُّلْطَان لسكونه وعقله وتودده وأدبه وَهُوَ أحد الصُّوفِيَّة بالمؤيدية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015