إِلَى حصن كيفا وَقَرَأَ بهَا تصريف الْعزي والكافية فِي النَّحْو ثمَّ إِلَى بِلَاد الرّوم ثمَّ إِلَى دمشق وَاجْتمعَ فِيهَا بالتقي الحصني ثمَّ إِلَى مَكَّة فَأَقَامَ بهَا تسع سِنِين وأكمل بهَا حفظ الْمِنْهَاج على عَمه زعم النَّجْم مُحَمَّد بن عبد الْقَادِر بن عمر السكاكيني الْآتِي بل وَبحث عَلَيْهِ فِي الْفِقْه وَغَيره وَقَرَأَ عَلَيْهِ المقامات الحريرية قِرَاءَة تَحْرِير وإتقان ثمَّ فَارقه إِلَى بِلَاد الصَّعِيد فقطنها وَقدم الْقَاهِرَة فَلَقِيته بهَا فِي سنة خمسين بِمَجْلِس شَيخنَا وَسمعت من لَفظه قصيدة امتدحه بهَا أَولهَا:)
(أشكر رب الْعَلَاء أَحْمد ... أَن خلف الشَّافِعِي أَحْمد)
(مُجْتَهد الْعَصْر فِي زمَان ... لم يبْق فِي أَهله مقلد)
وَأُخْرَى نبوية فِي نَحْو سبعين بيتنا أَولهَا:
(أنافس فِي مدح الرَّسُول بأنفاسي ... فَإِنِّي بِهِ أَرْجُو النجَاة من النَّاس)
عَليّ بن عُثْمَان بن عَليّ النُّور القاهري العَبْد الصَّالح وَيعرف بِابْن عكاشة وَبَلغنِي أَنَّهَا نِسْبَة للصحابي الشهير. مِمَّن تنزل فِي الْجِهَات كالبيبرسية وَسَعِيد السُّعَدَاء وَغَيرهمَا وَكَانَ يحضر مجَالِس شَيخنَا فِي الْإِمْلَاء وَغَيره ثمَّ تغير خاطره مِنْهُ وَلَكِن تلافاه وَكَذَا مِمَّن كَانَ يجله ويعتقده ابْن الْهمام والمناوي وَالظَّاهِر جقمق وَكثر توجهه إِلَى الْخَيْر بِحَيْثُ كَانَ يعْتَكف بخلوة الخطابة من جَامع عَمْرو وَيكثر التَّهَجُّد والتلاوة، وَلم يزل على حَاله حَتَّى مَاتَ فِي يَوْم السبت الْعشْرين من شَوَّال سنة ثَمَان وَخمسين وَقد أسن رَحمَه الله.
عَليّ بن عُثْمَان بن عمر بن صَالح الْعَلَاء أَبُو الْحسن الدِّمَشْقِي وَيعرف بِابْن الصَّيْرَفِي. ولد سنة ثَمَان وَسبعين وَسَبْعمائة، وَقَالَ بَعضهم سنة ثَلَاث بِدِمَشْق وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وكتبا زتفقه بالشهاب الملكاوي والشرف الْغَزِّي وبرع فِي الْفِقْه وأصوله والعربية والْحَدِيث، وَقدم الْقَاهِرَة فِي سنة ثَلَاث وَثَمَانمِائَة فلازم البُلْقِينِيّ والعراقي فِي الْفِقْه والْحَدِيث وَقَرَأَ الْأُصُول على الْعِزّ بن جمَاعَة وَسمع عَلَيْهِم وَكَذَا على الْكَمَال بن النّحاس وَابْن أبي الْمجد وَابْن قوام وَابْنَة ابْن المنجا والبالسي والبدر حسن بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي الْفَتْح بن القريشة، وَمِمَّا سَمعه عَلَيْهِ الْمَغَازِي لمُوسَى بن عقبَة فِي آخَرين بِبَلَدِهِ وَغَيرهَا، وَحدث وَوعظ وَأفَاد ودرس وتصدر بالجامع الْأمَوِي وناب فِي الحكم فِي أَوَاخِر عمره وَاسْتقر فِي تدريس دَار الحَدِيث الأشرفية بِدِمَشْق عقب موت حافظها ابْن نَاصِر الدّين فَلم تطل مدَّته وَكَذَا نَاب فِي تدريس الشامية البرانية بل درس بالغزالية وانتفع بِهِ جمَاعَة من الشاميين كالرضى الْغَزِّي والزين الشاوي وَالشَّمْس ابْني سعد ومفلح وَغَيرهم، وَكَانَ إِمَامًا عَلامَة مُفِيدا متواضعا متقشفا فِي ملبسه مديما للإشغال