الْحَاجِب بِحَيْثُ أَقَامَهُ فِي عمَارَة لَهُ بِرَأْس البندقانيين وَهُوَ حِينَئِذٍ نَائِب الْغَيْبَة وَصَاحب التَّرْجَمَة يَنُوب فِي الْقَضَاء عَن الْحَنَفِيَّة فَصَارَ يَأْمر بصفع من يُرِيد مِمَّن يتحاكم إِلَيْهِ بل يُرْسل لمن يُرِيد إهانته من بَيَاض النَّاس فيصفع فتحاماه النَّاس وشاع عَنهُ أَنه رفع لَهُ شَاب ابْن نَحْو عشْرين سنة فَادّعى عَلَيْهِ إِكْرَاه صَغِير مراهق حَتَّى فسق بِهِ فَأمر فِي الْحَال من بِحَضْرَتِهِ من الفعلة الَّذين فِي الْعِمَارَة بِالْفِسْقِ بِهِ قصاصا زعم فعظمت الشناعة عَلَيْهِ بذلك فَأرْسل الْأَمِير أَحْمد ابْن أُخْت الْجمال الأستادار وَهُوَ يَوْمئِذٍ يَنُوب عَن خَاله إِلَيْهِ فهرب واحتمى بإقباي فَلَمَّا علم إقباي بِصُورَة الْحَال أرْسلهُ إِلَيْهِ فَضَربهُ وَاجْتمعَ عَلَيْهِ من تقدم لَهُ مِنْهُ أَذَى من الْعَوام فكادوا يقتلونه وبالغوا فِي إهانته وصفعه ثمَّ خلص وَعَاد إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ وَذَلِكَ فِي سنة عشر وَثَمَانمِائَة فِي غيبَة الْعَسْكَر فَلَمَّا قدم الْعَسْكَر ذكر ولد الْحَنَفِيّ لِأَبِيهِ مَا جرى لَهُ لكَونه كَانَ يُبَالغ فِي الْإِسَاءَة لَهُ بل ويزدري جَمِيع النواب فتمالئوا عَلَيْهِ وأنهوا إِلَى الاستادار قصَّته فَضَربهُ بِحَضْرَة الْقُضَاة الْأَرْبَعَة سَبْعمِائة عصاة وسجنه وَحصل لَهُ من النَّاس أَيْضا حَالَة مَجِيئه وتوجهه إِلَى السجْن)
صفع عَظِيم بل بلغ خَبره السُّلْطَان فَأمر بإحضاره فَضَربهُ بالمقارع وَأقَام فِي الْحَبْس مُدَّة طَوِيلَة ثمَّ خلص بعد مُدَّة وتناسى النَّاس الْخَبَر وَأظْهر هُوَ الرُّجُوع عَن تِلْكَ الطَّرِيقَة فَعَاد إِلَى نِيَابَة الحكم عَن قُضَاة الْحَنَفِيَّة، وَبلغ من أمره فِي سلطنة الْأَشْرَف أَن التفهني امْتنع من استنابته فَأرْسل إِلَيْهِ نَاظر الْجَيْش وَكَاتب السِّرّ برهَان الدّين الشريف برسالة عَن السُّلْطَان يَأْمُرهُ باستنابته وَصَارَ يحضر مجْلِس السُّلْطَان أَحْيَانًا فيسخر مِنْهُ وَحضر المولد النَّبَوِيّ، وَاسْتمرّ على طَرِيقَته ومجونه إِلَى أَن مَاتَ فِي أَوَاخِر سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ مقهورا بِسَبَب أَنه كَانَت لَهُ صرة ذهب خشِي عَلَيْهَا من السراق فأودعها عِنْد بعض الْقُضَاة ثمَّ احْتَاجَ لشَيْء مِنْهَا فَادّعى الْمُودع أَنَّهَا سرقت من منزله وَحلف لَهُ على ذَلِك فَمَا اسْتَطَاعَ أَن ينازعه لشدَّة سطوة القَاضِي وبادرته فكمد فَمَاتَ. أرخه شَيخنَا فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَقَالَ فِي الْحَوَادِث أَن وَفَاته فِي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَأَحَدهمَا سَهْو.
عبد الْمُغنِي بن أبي الْفَتْح بن الشَّيْخ الْوَالِي عَليّ بن عمر بن إِبْرَاهِيم بن أبي بكر ابْن مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد الْجمال الْقرشِي نِسْبَة للقرشية بِالْقربِ من زبيد الْجمال الْقرشِي الْيَمَانِيّ الشاذلي صَاحب المخا سَاحل بِالْيمن قريب من بَاب المندب ولد سنة ثَمَان وَعشْرين وَثَمَانمِائَة كَانَ عَاقِلا كَامِلا مكرما للواردين ذَا وجاهة عِنْد مُلُوك الْيمن وَلَهُم عَلَيْهِ اعْتِمَاد بِحَيْثُ كَانَ يصل بِصَدَقَاتِهِمْ إِلَى مَكَّة ولديه دنيا وَاسِعَة وَله فِي جدة جاه وحشمة بِسَبَب صحبته السَّيِّد بَرَكَات ووالده. مَاتَ فِي