وَقطع رواتب النَّاس وَصَارَ فِي كل قَلِيل يصادر الْكتاب والعمال وَبَالغ فِي تَحْصِيل المَال واحرازه فَكَانَ كل قَلِيل يحمل من ذَلِك للمؤيد مَالا فيجل فِي عينه ويشكره فِي غيبته مَعَ لين جَانِبه للنَّاس وتودده لَهُم ثمَّ توجه للْوَجْه البحري لأخذ)
مَا سَمَّاهُ الضِّيَافَة على الْعَادة ولاقى السُّلْطَان لما رَجَعَ من الشَّام بأموال عَظِيمَة ثمَّ توجه للصعيد وأوقع بِأَهْل الاشمونين وَرجع بأموال كَثِيرَة جدا، ثمَّ استعفى عَن الوزارة فِي شَوَّال سنة عشْرين فاستقر فِيهَا أرغون شاه ثمَّ مرض فعاده السُّلْطَان فَقدم لَهُ خَمْسَة آلَاف دِينَار فأضاف إِلَيْهِ نظر الْأَشْرَاف ثمَّ توجه للْوَجْه القبلي فأوقع بالعرب وَجمع مَالا كثيرا جدا ثمَّ أَصَابَهُ الوعك فِي رَمَضَان وَاسْتمرّ حَتَّى مَاتَ فِي نصف شَوَّال سنة إِحْدَى وَعشْرين عَن سبع وَثَلَاثِينَ سنة وَدفن بمدرسته الَّتِي أَنْشَأَهَا بَين السورين ظَاهر الْقَاهِرَة وَاشْتَدَّ أَسف السُّلْطَان عَلَيْهِ وصولح عَن تركته بِمِائَتي ألف مِثْقَال، وَكَانَ عَارِفًا بِجمع الْأَمْوَال شهما شجاعا ثَابت الجأش قوي الْجنان سَاد فِي آخر عمره وجاد سوى مَا اعتاده من نهب الْأَمْوَال بِحَيْثُ جمع مِنْهَا فِي ثَلَاث سِنِين مَالا يجمعه غَيره فِي ثَلَاثِينَ سنة. قَالَ المقريزي كَانَ جبارا قاسيا شَدِيدا جلدا عبوسا بَعيدا عَن الاسلام قتل من عباد الله من لَا يُحْصى وَخرب اقليم مصر بِكَمَالِهِ وأفقر أَهله ظلما وعتوا وَفَسَادًا فِي الأَرْض ليرضى سُلْطَانه فَأَخذه الله أخذا وبيلا، وَطول تَرْجَمته فِي عقوده زَاد غَيره أَنه لَا يستكثر عَلَيْهِ مَا كَانَ يَفْعَله لِأَنَّهُ من بَيت ظلم وعسف وَعِنْده جبروت الارمن ودهاء النَّصَارَى وشيطنة الأقباط وظلم المكسة لِأَن أَصله من الأرمن وربى مَعَ الْيَهُود وتدرب بالاقباط وَنَشَأ مَعَ المكسة بقطيا وَلذَا اجْتمع فِيهِ مَا تفرق فِي غَيره واستفيض أَنه لما دفن سَمعه جمَاعَة من صوفية البيبرسية وَغَيرهم يَصِيح فِي قبرهن وَذكره الفاسي فِي تَارِيخ مَكَّة لكَونه أَمر بتكملة عمَارَة الرِّبَاط الَّذِي أَمر بإنشائه الْوَزير قبله تَقِيّ الدّين عبد الْوَهَّاب بن أبي شَاكر يَعْنِي الْآتِي وَهُوَ بِرَأْس زقاق جِيَاد الصَّغِير مُقَابل الْمَسْجِد الْحَرَام بَينهمَا مسيل الْوَادي وَلم يسم أَبَاهُ بل قَالَ عبد الْغَنِيّ بن أبي الْفرج القبطي وترجمه بِاخْتِصَار. قلت إِنَّمَا أكمله الْفَخر بعد انْتِقَال ملكه إِلَيْهِ بِمُقْتَضى الابتياع من ولد التقي عبد الْوَهَّاب المنحصر إِرْث أَبِيه فِيهِ وَفِي أُخْته شقيقته الخماسية وَهِي محجورته وَبَاعَ عَنْهَا وَذَلِكَ فِي صفر سنة عشْرين الثَّابِت عَن الشهَاب بن المحمرة الشَّافِعِي والمنفذ لَهُ الشَّمْس مُحَمَّد بن الصّلاح مُحَمَّد بن الْبَدْر مُحَمَّد ابْن الْحسن بن البرقي الْحَنَفِيّ وَقبل كَونهَا رِبَاطًا كَانَت خربة اشْتَرَاهَا ابْن أبي شَاكر فَمن ابْن السَّعْدِيّ بن غراب لربعها وَمن الْأمين عبد الله بن أبي الْفرج بن مُوسَى