معاجم وَفِي الْقُرَّاء والحفاظ وَالْفُقَهَاء والرواة والمصريين وَكَذَا تَرْجَمته فِي الْمَدَنِيين، وَقَالَ المقريزي فِي السلوك)
شيخ الحَدِيث انْتَهَت إِلَيْهِ رياسته وَلم يزدْ، وَقَالَ ابْن قَاضِي شُهْبَة وَذكر لنا إِنَّه كَانَ معتدل الْقَامَة إِلَى الطول أقرب كث اللِّحْيَة يصدع بِكَلَامِهِ أَرْبَاب الشَّوْكَة لَا يهاب سُلْطَانا فضلا عَن غَيره، وفيمن أخذت عَنهُ خلق مِمَّن أَخذ عَنهُ رِوَايَة ودراية أَجلهم شَيخنَا ثمَّ مستمليه والشرف المراغي والعز بن الْفُرَات والشهاب الحناوي والْعَلَاء القلقشندي وَتَأَخر من روى عَنهُ بِالسَّمَاعِ إِلَى بعد الثَّمَانِينَ بِقَلِيل وبالاجازة زَيْنَب الشوبكية وَكَانَ لِلْأُمَرَاءِ فِي أَوَاخِر ذَاك الْقرن اعتناء بالعلماء فَكَانَ لكل أَمِير عَالم بِالْحَدِيثِ يسمع النَّاس وَيَدْعُو النَّاس للسماع فاتفق أَن الْجلَال عبيد الله الأردبيلي وَالِد الْبَدْر بن عبيد الله أحد مشاهير الْحَنَفِيَّة كَانَ مِمَّن يتَرَدَّد لنوروز بِسَبَب اسماع الحَدِيث عِنْده فَقيل لَهُ إِن شيخ الحَدِيث هُوَ الْعِرَاقِيّ فاستدعى بِهِ فَلَمَّا حضر قَالَ عبيد الله مرسومكم قد حصل الِاسْتِغْنَاء فَقَالَ بل كونا مَعًا وَالظَّاهِر إِن الْعِرَاقِيّ ترك المجئ من ثمَّ فَإِن أميره كَانَ إِمَّا أيتمش صَاحب الْمدرسَة الَّتِي بِبَاب الْوَزير أَو يشبك الناصري الْكَبِير فقد حكى لنا الْمُحب ابْن الْأَشْقَر أَنه سمع على الْعِرَاقِيّ كلا الصَّحِيحَيْنِ بمجلسه وَإِن الشَّيْخ لم يكن يجلس إِلَّا على طَهَارَة فَكَانَ إِذا أحدث قطع الْقَارئ الْقِرَاءَة حَتَّى يتَوَضَّأ وَلَا يسمح بِالْمَشْيِ على بِسَاط الْأَمِير بِدُونِ حَائِل انْتهى. وَيحْتَمل أسماعه عِنْد الْجَمِيع. مَاتَ عقب خُرُوجه من الْحمام فِي لَيْلَة الْأَرْبَعَاء من شعْبَان سنة سِتّ وَثَمَانمِائَة بِالْقَاهِرَةِ وَدفن بتربتهم خَارج بَاب البرقية وَكَانَت جنَازَته مَشْهُورَة وَقدم للصَّلَاة عَلَيْهِ الشَّيْخ شهَاب الدّين الذَّهَبِيّ، وَمَات وَله احدى وَثَمَانُونَ سنة وَربع سنة نَظِير عمر السراج البُلْقِينِيّ، قَالَ شَيخنَا وَفِي ذَلِك أَقُول فِي المرثية:
(لَا يَنْقَضِي عجبي من وفْق عمرهما ... الْعَام كالعام حَتَّى الشَّهْر كالشهر)
(عاشا ثَمَانِينَ عَاما بعده سنة ... وَربع عَام سوى نقص لمعتبر)
وأشير بذلك إِلَى أَنَّهُمَا لم يكملا الرّبع بل ينقص أَيَّامًا قَالَ وَقد أَلممْت برثائه فِي الرائية الَّتِي رثيت بهَا البُلْقِينِيّ يَعْنِي وَسبق مِنْهَا مَا تقدم وخصصته بمرثية قافية وساقها أَولهَا:
(مصاب لم ينفس للخناق ... أصار الدمع جارا للأماقي)
(فروض الْعلم بعد الزهو ذاو ... وروح الْفضل قد بلغ التراقي)
وَمن نظمه مِمَّا سبقه لمعناه الذَّهَبِيّ:
(إِذا قَرَأَ الحَدِيث على شخص ... وأمل ميتتي ليروج بعدِي)
(فَمَاذَا مِنْهُ انصاف لِأَنِّي ... أُرِيد بَقَاءَهُ وَيُرِيد فقدي)