وَمن الْغَرِيب قَول الْبُرْهَان الْحلَبِي إِنَّه خرج لنَفسِهِ معجما، وَمَا وقف شَيخنَا عَلَيْهِ وَكَذَا وَمَا قفت عَلَيْهِ وَولي التدريس للمحدثين بأماكن مِنْهَا دَار الحَدِيث الكاملية والظاهرية الْقَدِيمَة والقراسنقورية وجامع ابْن طولون وللفقهاء بالفاضلية وَغَيرهَا لَهما، وَحج مرَارًا وجاور بالحرمين وَحدث فيهمَا بالكثير بل وأملى عشارياته بِالْمَدِينَةِ وسافر مرّة لِلْحَجِّ فِي ربيع الأول سنة ثَمَان وَسِتِّينَ هُوَ وَجَمِيع عِيَاله وَمِنْهُم)

وَلَده الْوَلِيّ أَبُو زرْعَة وَابْن عَمه الْبُرْهَان أَبُو إِسْحَق إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن فرافقهم الشهَاب بن النَّقِيب وبدءوا بِالْمَدِينَةِ فأقاموا بهَا عدَّة أشهر ثمَّ خَرجُوا إِلَى مَكَّة وَكتب الشهَاب حِينَئِذٍ ألفيته الحديثية بِخَطِّهِ وَحضر تدريسها عِنْده، وَولي قَضَاء الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة وخطابتها وإمامتها فِي ثَانِي عشر جُمَادَى الأولى سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ بعد صرف الْمُحب أَحْمد بن أبي الْفضل مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الْعَزِيز النويري وَنَقله لقَضَاء مَكَّة وَاسْتقر عوض صَاحب التَّرْجَمَة فِي تدريس الحَدِيث بالكاملية السراج بن الملقن مَعَ كَونه كَانَ قد استناب وَلَده فِيهِ وَلَكِن قدم الْمَذْكُور لشيخوخته ونازعه الْوَلِيّ فِي ذَلِك وَأطَال التَّكَلُّم إِلَى أَن كَفه البُلْقِينِيّ والابناسي بتوسل السراج بهما فِي ذَلِك ثمَّ صرف الزين عَن الْقَضَاء وَمَا مَعَه بعد مُضِيّ ثَلَاث سِنِين وَخَمْسَة أشهر وَذَلِكَ فِي ثَالِث عشر شَوَّال سنة إِحْدَى وَتِسْعين بالشهاب أَحْمد بن مُحَمَّد بن عمر الدِّمَشْقِي السلاوي، وَشرع فِي الاملاء بِالْقَاهِرَةِ من سنة خمس وَتِسْعين فأملى أَرْبَعمِائَة مجْلِس وَسِتَّة عشر مَجْلِسا فأولا أَشْيَاء نثريات ثمَّ تَخْرِيج أربعي النَّوَوِيّ ثمَّ مستخرجا على مُسْتَدْرك الْحَاكِم كتب مِنْهُ قدر مجيلدة إِلَى أثْنَاء كتاب الصَّلَاة فِي نَحْو ثلثمِائة مجْلِس أَولهَا السَّادِس عشر بعد الْمِائَة وَلَكِن تخللها يسير فِي غَيره ثمَّ لما كبر وتعب وصعب عَلَيْهِ التَّخْرِيج استروح إِلَى إملاء غير ذَلِك مِمَّا خرجه لَهُ شَيخنَا أَو مِمَّا لَا يحْتَاج لكبير تَعب فَكَانَ من ذَلِك فِيمَا يتَعَلَّق بطول الْعُمر وَأنْشد فِي آخِره قَوْله من أَبْيَات تزيد على عشْرين بَيْتا:

(بلغت فِي ذَا الْيَوْم سنّ الْهَرم ... تهدم الْعُمر كسيل العرم)

وَآخر مَا أملاه كَانَ فِي صفر سنة سِتّ وَثَمَانمِائَة لما توقف النّيل وشرق أَكثر بِلَاد مصر وَوَقع الغلاء المفرط وَختم الْمجْلس بقصيدة أَولهَا:

(أَقُول لم يشكو توقف نيلنا ... سل الله يمدده بِفضل وتأييد)

يَقُول فِي آخرهَا:

(وَأَنت فغفار الذُّنُوب وساتر ال ... عُيُوب وكشاف الكروب إِذا نُودي)

وَصلى بِالنَّاسِ صَلَاة الاسْتِسْقَاء وخطب خطْبَة بليغة فَرَأَوْا الْبركَة بعد ذَلِك من كَثْرَة الشَّيْء ووجوده مَعَ غلائه وَمَعَ تمشية أَحْوَال الباعة بعد اشتداد الْأَمر جدا وَجَاء النّيل فِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015