فن والتعبد بالالفاظ على طَريقَة الْعَضُد وَغَيره من محدثات الْمُتَأَخِّرين وَالْعلم وَرَاء ذَلِك كُله وَكَانَ كثيرا مَا يرتاح فِي النقول لفن أصُول الْفِقْه خُصُوصا عَن الْحَنَفِيَّة كالبزدوي والخبازي وَصَاحب الْمنَار وَيقدم البديع لِابْنِ الساعاتي على مُخْتَصر ابْن الْحَاجِب قَائِلا أَنه أقعد وَأعرف بالفن مِنْهُ وزاعما أَن ابْن الْحَاجِب لم يَأْخُذهُ عَن شيخ وَإِنَّمَا أَخذه بالْقَوْل قَالَ وَهَذَا فِي فِيهِ نظر. وَله من المؤلفات غير الانشاءات النثرية والشعرية الَّتِي هِيَ كالسحر التَّارِيخ الْعَظِيم المترجم بالعبر فِي تَارِيخ الْمُلُوك والأمم والبربر حوت مقدمته جَمِيع الْعُلُوم وجلت عَن محجتها أَلْسِنَة الفصحاء فَلَا تروح وَلَا تحوم ولعمري إِن هُوَ إِلَّا من المصنفات الَّتِي سَارَتْ ألقابها بِخِلَاف مضمونها كالأغاني للاصبهاني سَمَّاهُ الأغاني وَفِيه من كل شَيْء والتاريخ للخطيب سَمَّاهُ تَارِيخ بَغْدَاد وَهُوَ تَارِيخ الْعَالم وَحلية الْأَوْلِيَاء لأبي نعيم سَمَّاهُ حلية الْأَوْلِيَاء وَفِيه أَشْيَاء جمة كَثِيرَة وَكَانَ الإِمَام أَبُو عُثْمَان الصَّابُونِي يَقُول كل بَيت فِيهِ الْحِلْية لَا يدْخلهُ الشَّيْطَان، وَطول المقريزي فِي عقوده تَرْجَمته جدا وَهُوَ كَمَا قدمت مِمَّن يُبَالغ فِي اطرائه ومدحه عَفا الله عَنْهُمَا.

388 - عبد الرَّحْمَن بن أبي الْخَيْر مُحَمَّد بن أبي عبد الله مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن التقي أَبُو زيد وَأَبُو الْفضل الحسني الفاسي ثمَّ الْمَكِّيّ الْمَالِكِي. / ولد فِي ربيع الأول سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة بِمَكَّة وَأَجَازَ لَهُ الْجمال المطري وأسمعه أَبوهُ بِالْمَدِينَةِ شَيْئا من آخر الشفا على الزبير الاسواني وَأَجَازَ لَهُ، وَكَذَا سمع من أَبِيه وَلبس مِنْهُ الْخِرْقَة كَمَا أخبر بذلك كُله، قَالَ التقي الفاسي فِي تَارِيخه وَسمع فِي الْخَامِسَة على أَبِيه الملخص للقابسي وعَلى إِبْرَاهِيم بن الْكَمَال مُحَمَّد ابْن نصر الله بن النّحاس أَحَادِيث من مُسْند ابْن عَبَّاس من مُسْند أَحْمد وَعلي الْمُحدث نور الدّين الْهَمدَانِي والشهاب الهكاري والتاج ابْن بنت أبي سعد والعز ابْن جمَاعَة فِي آخَرين مِنْهُم خَلِيل الْمَالِكِي وَعَلِيهِ وعَلى مُوسَى المراكشي وَغير وَاحِد تفقه، وَلزِمَ مُوسَى مُدَّة سِنِين وتصدى بِمَكَّة للتدريس والافتاء زِيَادَة على ثَلَاثِينَ سنة وانتفع النَّاس بِهِ فِي ذَلِك كثيرا، وَكَانَ جيد الْمعرفَة فِي الْفِقْه مشاركا فِي غَيره من فنون الْعلم حسن التدريس والفتيا جليل الْقدر لَهُ وَقع فِي النُّفُوس ذَا ديانَة وَعبادَة ومحاسن كَثِيرَة سَمِعت مِنْهُ وقرأت عَلَيْهِ الْمُوَطَّأ وَغَيره وانتفعت بِهِ فِي معرفَة الْمَذْهَب وَهُوَ مِمَّن أذن لي فِي الافتاء والتدريس. مَاتَ فِي لَيْلَة الْأَرْبَعَاء منتصف ذِي الْقعدَة سنة خمس بِمَكَّة وَدفن بالمعلاة فِي قبر الشَّيْخ أبي الكوط بِوَصِيَّة مِنْهُ وَكثر)

الأسف عَلَيْهِ لوفور محاسنه، وَذكره شَيخنَا فِي إنبائه بِاخْتِصَار

طور بواسطة نورين ميديا © 2015