فِيمَن بعده الشَّيْخ مجد الدّين أَبُو مُحَمَّد الحسني الريَاحي المدوكالي مولدا الذوادي مربي المغربي الْمَالِكِي وَيعرف بالزواوي وَهُوَ لقب كَمَا قَالَ. ولد فِيمَا قرأته بِخَطِّهِ على رَأس السِّتين وَسَبْعمائة بقرية مدوكال من أفريقية بَين بسكرة وَعمرَة وانتقل مِنْهَا وَهُوَ صَغِير إِلَى ذواد فحفظ الْقُرْآن واشتغل بالعلوم.
وَقدم الْقَاهِرَة فَسمع بهَا عَليّ الشّرف بن الكويك وَالْجمال الْحَنْبَلِيّ والعز بن جمَاعَة وَحميد الدّين حَمَّاد التركماني والكمال بن خير والنورين الفوي والابياري اللّغَوِيّ وَالْفَخْر الدنديلي والشموس الشَّامي والزراتيتي والبيجوري والصدر السويفي والزين بن النقاش وَالْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ وَشَيخنَا وَآخَرين، وَحج فَسمع بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّة عَليّ الزين المراغي الْكثير وَعبد الرَّحْمَن الصبيبي ورقية ابْنة ابْن مزروع فِي آخَرين وَأَجَازَ لَهُ غير وَاحِد وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء وَأثْنى عَلَيْهِ شَيخنَا فِي تَارِيخه فَقَالَ كَانَ خيرا ذَاكِرًا لكثير من الْفِقْه ملازما لحضور مجَالِس الْعلم، جاور بِالْمَدِينَةِ الشَّرِيفَة مُدَّة وحصلت لَهُ جذبة ويحكي أَنه كَانَ يسمع تَسْبِيح النّخل فِي مروره بَين الينبوع فِي النّخل أَيَّام الرطب بل سَمعهَا تَقول لَهُ يَا صَالح كل مني وَكَذَا اتّفق لَهُ وَهُوَ بِمَكَّة أَنه وجد بعض الحطابين وَمَعَهُ حطب فَسَأَلَهُ أهوَ من الْحل أم من الْحرم فَقَالَ من الْحل فَاشْتَرَاهُ وَجَاء بِهِ إِلَى منزله فَلَمَّا أوقد النَّار صَاح الْحَطب فَقَالَ وَالله يَا صَالح أَنا من حطب الْحرم فأطفأه وَلم يقد بعد ذَلِك بِمَكَّة نَارا وهاجت مرّة مركب فِي الْبَحْر وَهُوَ فِيهَا بِحَيْثُ أشرفت على الْغَرق فَقَامَ وَرفع يَدَيْهِ وَقَالَ قد أَمْسَكت الْملك الْمُوكل بِالرِّيحِ فسكن الرّيح فِي الْحَال، ثمَّ قدم الْقَاهِرَة وَسكن وقتا بتربة الظَّاهِر برقوق بالصحراء وَحسن ظن كثير من النَّاس فِيهِ ثمَّ سكن غَيرهَا من الْقَاهِرَة وتنزل بدرس الحَدِيث فِي المؤيدية ورتب لَهُ فِي الجوالي وَدخل فِي وَصَايَا كَثِيرَة لَكِن لم نسْمع عَنهُ سوءا فِي تصرفه وَكَانَ يصل إِلَيْهِ كل سنة من سُلْطَان الْمغرب مبلغا، كل ذَلِك مَعَ الشهامة)
وَالْقِيَام فِي الْحق عِنْد الظلمَة وَعدم المبالاة بهم أجَاز لأولادي انْتهى. وَوَصفه أَبُو النَّعيم الْمُسْتَمْلِي بالصلاح وَالْعلم وَكَذَا سَمِعت الثَّنَاء عَلَيْهِ من غير وَاحِد وانه فِي حَال جذبته اشْتريت لَهُ نَاقَة ليحج عَلَيْهَا فَكَانَ يسْمعهَا تَقول يَا صَالح أَتعبت ظَهْري فَينزل عَنْهَا وَيَمْشي فَتَقول لَهُ اركب يَا صَالح فقد استرحت إِلَى غير ذَلِك، وَبَلغنِي أَن الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ أوصى بِأَن يُصَلِّي عَلَيْهِ فبرز المستقر عوضه فِي المنصب وَهُوَ العلمي صَالح البُلْقِينِيّ وَقَالَ انه هُوَ المُرَاد لَا صَاحب التَّرْجَمَة ثمَّ صلى فَالله أعلم. مَاتَ فِي رَجَب سنة تسع وَثَلَاثِينَ بِالْقَاهِرَةِ وَدفن من الْغَد بجوار الزين الْعِرَاقِيّ خَارج بَاب البرقية قَالَ البقاعي