فهم مع جرأة كما هو المعروف عن أفراد المجموعة المذكورة آنفا، فإن وصف أبي حاتم لهذا العدد القليل بالجهالة لا يسري على بقية من ذكرهم ابنه ولم يذكر فيهم جرحا، كما لو نص على ضعف بعضهم في مواضع أخرى لاحتمال تغير اجتهاد أو زيادة علم وما أشبه ذلك، ثم إن الجهالة عند أبي حاتم لا تعني التضعيف المطلق، فإن البخاري قد ذكر في الضعفاء سعيد بن بشير البخاري، فقال ابن أبي حاتم عن أبيه: هو شيخ لليث ليس بالمشهور، لم يرو عنه غير الليث، ليس محله أن يدخل في كتاب الضعفاء.
فهذا الراوي لم يرو عنه غير واحد، ومع ذلك أنكر أبو حاتم على البخاري إدخاله في الضعفاء.
وكذلك عبد الرحمن بن ثابت بن الصامت ليس له إلا حديث واحد أخرجه ابن ماجه في الصلاة "1032" رواه عنه ابنه، قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عنه، فقال: ليس عندى بمنكر الحديث، قلت: أدخله البخاري في كتاب الضعفاء؟
قال: يكتب حديثه، ليس بحديثه بأس، ويحول من هناك.
قلت: فمع أن عبد الرحمن تفرد عنه راو واحد إلا أن أبا حاتم لما رأى أن حديثه ليس بمنكر أنكر على البخاري إدخاله في الضعفاء، فهذا صريح في كونه يرى أن هذه الجهالة لا تخرج صاحبها من دائرة الاستشهاد حيث قال: يكتب حديثه، ليس بحديثه بأس، ويحول من هناك أي من الضعفاء، وقد ذكرت ذلك في القول الحسن، فلم يعلق عليه هذا الشاب بشيء فلا أدري هل هو لم يفهمه أم فهم وأخفاه كما هو معروف عن صاحب مجموعته؟
وأوضح مما سبق أن البخاري ذكر راويا اسمه الأخنس، وهو والد بكير بن الأخنس في الضعفاء، ولم يرو عنه غير ابنه، فمتى يوصف الرجل بالجهالة التي تسقطه إذا لم يكن هذا كذلك، فإنه ليس له إلا حديث واحد؟
ومع ذلك قال ابن أبي حاتم: سمعت أبي ينكر على من أخرج اسمه في كتاب الضعفاء، ويقول: لا أعلم روى عن الأخنس إلا ما روى أبو جناب يحيي بن أبي