الألفاظ العامة التي المراد بها ما تحتها، فالمخاطبة بها دون أن تقيد أو تقترن بها قرينة تدل على فهم ذلك المعنى المخصص قصدا بتأخير البيان فيها إلى وقت الحاجة، واقع لغة وشرعا، إذا فهم المخاطبون من قرائن الأحوال أن ههنا أيضا موضعا للسؤال، وأن المخاطب لم يكن قصده الإقتصار على ما خاطب به. وعلى ذلك ورد قوله عز وجل: (إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة) فإنهم لم يزالوا يسألون والجواب يرد بالتخصيص إلى أن تعينت لهم البقرة المخصوصة. فأما إذا لم يعلم المخاطبون من قرائن الأحوال أن ههنا موضعا للسؤال فذلك غير واقع. وإنما ساغ مثل هذا في العام، ولم يسغ في المجمل، ولا في الجنس الأول من الظاهر لأن من عرف الشيء بأمر كلي فقد عرفه بوجه ما، مع أنه ينتظر معرفته بوجه أخص. وكثيرا ما تكون الأقاويل المؤلفة عن مثل هذه أبين من الأسماء أو مضطرا إليها فيما لم تكن لها أسماء كما اتفق في البقرة المأمور بذبحها. وعلى هذا تجوز المخاطبة بالأسماء العرفية قبل فهم المعاني التي يدل عليها بتلك الأسماء، اتكالا على أن المخاطبين يعلمون أن تلك الأسماء تدل على معان زائدة إلى ما كانت تدل عليه في الوضع الأول، وفائدة ذلك العزم على الأمر وبتأخر البيان إلى وقت الحاجة (?) كالأمر بالزكاة والحج قبل وجوبهما. وإذا أنت تصفحت الأشياء التي يحتج بها من يجوز تأخير البيان إلى وقت الحاجة من غير تفصيل وجدتها داخلة تحت هذه التي عددناها، وكذلك إذا نظرت إلى ما يحتج به من يجوزه وجدت ذلك إنما هو في المجمل المحض الاحتمال، وفي الصنف الأول من الظاهر. وبالجملة فكلا الرأيين إذا أخذا بإطلاق كاذب بالجزء، على ما من شأنها أن تكذب الآراء المصححة بالاستقراء الذي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015