الاستفهام من المخاطب والبيان من المخاطب وإن رأى المخاطب أن اقتضاء ذلك خوطب به لم يطلب منه في ذلك الوقت، أخر السؤال إلى وقت الحاجة فيتأخر البيان. فأما أن يرد الخطاب بالألفاظ المجملة والمخاطب لا يفهم عنه شيئا تعويلا من المخاطب على أنه سيبين ذلك المعنى المقصود عند وقت الحاجة فهو شيء كما قلنا لم يقع من عربي قط ولا من غيره. وبالجملة فليس تقع المخاطبة بالألفاظ المجملة اللهم إلا أن يراد بها اللغز والاستهزاء لطبيعة المخاطب (?) وكذلك ما كان مجملا من جهة مفهومه وأما الشرع فإنه لم يتصرف في ذلك بوضع عرفي.
162 وأما الظاهر أيضا من جهة الصيغة فحكمه عندي حكم الاسم المشترك، وذلك منه فيما قيل من أول الأمر علي شيء ما، وكان ظاهرا فيه ثم استعير وقتا ما لشيء ما آخر لشبهه بالمعنى الأول أو لتعلقه به بوجه من أوجه التعلق. فإن العربي إذا أطلق لفظ السماء لم يفهم عنه أبدا إلي السماء المكوكبة فإذا أراد بذلك المطر دل على ذلك بقرينة كقولهم: (ما زلنا نطأ السماء حتى أتيناكم) وكقولهم (إذا سقط السماء بأرض قوم) وإلا متى خوطب بمثل هذه الأسماء وأطلقت إطلاقا، والمراد بها غير ما هي راتبة عليه، لم يقع ذلك إلا غلطا، وإن قصد ذلك كان تغليطا، هذا إذا كان وقت الحاجة. وأما إن لم يكن وقت الحاجة فأي فائدة لمخاطبة يعتقد الإنسان منها خلاف ما يأتي به البيان. ويشبه أن يكون كذلك الظاهر من جهة المفهوم
163 وأما الظاهر من جهة الإبدال وذلك منه فيما يأتي من