شيء, بل العوام أبدا متبعون للمجتهدين وموافقون لهم, إذ كان ذلك فرضهم. فإن سمّي مثل هذا إجماعا لم يمتنع, لكن مثل هذا ليس بأصل يستعمله المجتهد.
134- فأما عدد المجمعين فليس فيه شرط سوى أن يكونوا جميع المجتهدين من أهل العلم الموجدين في عصر واحد, لأنا لو اشترطنا إجماع أهل الأعصار, من سلف منهم ومن هو حاضر ومن سيأتي, لم يقع إجماعا.
135-فأما إن أجمع أهل عصرنا على أمر لم يجمع عليه من سبقهم هل ينعقد الإجماع أم لا؟ ففيه موضع نظر. أما ما سكت عليه أهل العصر المتقدم, ولم ينقل عنهم فيه قول, فإجماع من بعدهم منعقد ضرورة. وأما إذا نقل فيه عن من سلف خلاف, فها هنا موضع القول. وقد اختلف الناس في ذلك, والوقوف عليه يكون من جهة صيغ الألفاظ الواردة في معنى العصمة لهذه الأمة كقوله عليه السلام (لن تجتمع أمتي على الضلال) , وسائر الأحاديث التي أوردناها, فإنها وإن لم يمكن حملها على العموم, إذ هو من الممتع أن يتناول ههنا لفظ الأمة من سيأتي, فهو حجة في عموم ما بقي داخلا تحت تناول اللفظ. فبأي جهة ليت شعري يخرج من شرط الإجماع أهل العصر المتقدم, وعموم ما بقي من دلالة اللفظ يتناولهم, اللهم إلا عند من يرى أن العام إذا خصص فليس بحجة في عموم ما بقي.
136-فأما أهل الظاهر فليس يتصور معهم هذا الخلاف لأنهم يرون الإجماع إنما هو اتفاق الصحابة رضي الله عنهم على حكم ما. وذلك لازم لأصولهم. لأنهم لا يجوزون الإجماع بالقياس. وإذا كان هذا هكذا فإنما يقع الإجماع عندهم إما لأثر قد عفا ولم يصل إلينا ,