المعتزلة، فليس يمكنه تصويب كل مجتهد. وكذلك يلزم من لا يرى القياس في الشرع، فإن هؤلاء أيضا يرون أن ما لم يرد فيه خطاب الشرعي فهو على البراءة الأصلية من الإباحة، وما كان بهذه الصفة، أعني ما - ورد فيه خطاب شرعي، ففيه حكم متعين.
239 - وأما نحن فقد سلف من قولنا أن مدارك أحكام الشرع الخطاب، وأن الخطاب منه ما يوجب الحكم بصيغته، ومنه بمفهومه. وإن الذي يعنون بالقياس داخل في هذا الجنس، وأن كلا هذين الصنفين - ينقسمان في وجوب العمل بهما إلى نص وإلى ظاهر. وإذا كان هذا هكذا لم يتصور أن يقال كل مجتهد مصيب، إذ كانت سبيل تلقي الأحكام الخطاب الوارد، وذلك في جميع أصنافه التي عددت من لفظ أو قرينة. وما كان سبيل المعرفة به الخطاب فثم لا شك حكم متعين، وهو الذي تعلق به الخطاب. وما لم يتضمنه الخطاب الوارد، ولا دلت عليه قرينة، فهو على البراءة الأصلية معفو عنه، وهو أحد أصناف المباح المنسوب إلى الشرع. وهذا معنى قوله عز وجل: (ما فرطنا في الكتاب من شيء) كان فيه حكم إلا وضمناه إياه وما لم يتضمنه بأحد الأدلة الشرعية فهو مصفوح عنه (?) . 240 - وأبو حامد يرى هنا أن كل مجتهد مصيب، وقد عدد الأمور التي نوقض بها أن كل مجتهد مصيب وزيفها، إلا أنه لم يعدد في ذلك هذا الذي قلناه. وقد سلك هو في تثبيت أن كل مجتهد مصيب طريقين، ونحن نوقف على أن ما ألزم من ذلك غير لازم: