يرى أبو الفتح عثمان بن جني (392هـ) وكثير من النحويين أن الضرورة ما وقع في الشعر سواء كان للشاعر عنه مندوحة أم لا؟ ولم يشترطوا في الضرورة أن يضطر الشاعر إلى ذلك في شعره، بل جوّزوا له في الشعر ما لم يجز في الكلام؛ لأنه موضع قد أُلفت فيه الضرائر. دليل ذلك قول الشاعر1:
كم بجودٍ مقرفٍ نال العلا ... وكريمٍ بخله قد وضَعَهْ 2
-في رواية من خفض "مقرف"، حيث فصل بين "كم" وما أضيفت إليه بالجار والمجرور، وذلك لا يجوز إلا في الشعر، ولم يضطر إلى ذلك إذ يزول الفصل بينهما برفع "مقرف" أو نصبه3.
ومما استدل به صاحب هذا المذهب - أيضاً - قول الآخر4:
فلا مزنةٌ ودقت ودقَها-ولا أرضَ أبقلَ إبقالَها 5