اعتكافٍ فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - بوفائه)) (?).
فَعُلِمَ من هذا أن الله تعالى لم يوجب الاعتكاف بشرعه للناس، وإنما الإنسان الذي يوجبه على نفسه بالنذر.
خامساً: حكمة الاعتكاف: عبادة الله تعالى والإقبال إليه: الاعتكاف فيه تسليم المعتكف: نفسه، وروحه، وقلبه، وجسده بالكلية إلى عبادة الله تعالى، طلباً لرضاه، والفوز بجنته، وارتفاع الدرجات عنده تعالى، وإبعاد النفس من شغل الدنيا التي هي مانعة عما يطلبه العبد من التقرب إلى الله - عز وجل -، وفي الاعتكاف: استغراق المعتكف أوقاته في الصلاة، إما حقيقة أو حكماً؛ لأن المعتكف إن لم يكن في الصلاة حقيقة فهو في انتظار الصلاة بعد الصلاة، فهو في صلاة وفي رباط في طاعة الله تعالى، والمعتكف قد فرَّغ قلبه، ووقته لذكر الله، وقراءة القرآن، ونومه، ويقظته عبادة لله إن قصد بذلك التقوِّي على طاعته (?).
قال الإمام ابن القيم رحمه الله: ((لما كان صلاحُ القلب، واستقامته، على طريق سيره إلى الله تعالى، متوقفاً على جمعيَّتهِ على الله، ولمِّ شعثه بإقباله بالكلية على الله تعالى؛ فإن شعث القلب لا يلمُّهُ إلا الإقبال على الله تعالى، وكان فضُولُ الطعام والشراب، وفضول مخالطة الأنام، وفضول الكلام، وفضول المنام مما يزيده شَعَثاً، ويشتِّتهُ في كلِّ وادٍ، ويقطعه عن