صرحت بالشكوى إليك تأنسا ... بندى يديك إذا غريب عرضا
من بعد ما غال المشيب شبيبتي ... ونضا لباس تجملي فيما نضا
وأحارني مرضي وأوهن قوثي ... فغدوت منه وقد صححت ممرضا
وإذا دنت سبعون من متأمل ... داني ولم ير في اللذاذة مركضا
وجفاه نوم كان يألف جفنه ... قدما وأضحى للحتوف معرضا
ويتذكر حياته الرغدة السابقة، وشبابه الفائت الذي لن يعود.. فيبكي قائلا:
أبكي كساء كان أوثق عدتي ... إن أخصر البرد العظام ونقضا
ومخدة قد كان يألف لينها ... خدي فأضحى الجسم منها ممرضا
ونفيس فرش كالرياض نقوشه ... ما كان من دون الرياش مرحضا
ومجمعا قد كنت أجمع آلة ... فيه وكان من البلاء مفضفضا
غير أن هذه الشكوى وهذا البكاء – في شعره – يصلان أحيانا إلى حد الاستجداء والذل فيظهر في شعره جانب الضعف الإنساني، حيث يرفع نحيبه وخوفه من المصير والمستقبل والفقر. ولا شك أن هذه الظاهرة كانت سبببا في أن بعض الباحثين1 وصموه وعابوه.
والحقيقة إن هذه السمة بارزة في شعره، فهو دائم الاستجداء سواء من الخلفاء أو الوزراء – إن تلميحا.. وإن تصريحا – من مثل قوله للخليفة الراضي بالله، مشيرا إلى ما بينه وبين دهره من صراع وحرب عوان، فيشكو ذل الحاجة ومر السؤال، استجداء للجود، وطمعا في العطاء..
إن بيني وبين دهري حربا ... جاوزت حرب داحس والبسوس
أنا منه لغير هجر ووصل ... واقف بين لوعة ورسيس
فاعتبر ما شكاه عبدك منه ... ثمداو الخناق بالتنفيس
هو في مخلب الزمان فريس ... فارحم الآن نفس هذا الفريس
واسقه من سلاف جودك بذلا ... فاق طيبا سلافة الخنديس
وقد يرتفع استجداء الصولي لكي يصل إلى درجة التصريح فيقول:
لا والذي أنت منه نعمة ملأت ... عرض البلاد وحلت حبوة النوب