لعل من الإنصاف لحق الأدب أن نصرح بمخالفتنا للصديق الدكتور العمري في ما ذهب إليه من إكبار لشعر الصولي إذ اعتبره – في مقدمة البحث – شاعرا فحلا بين فحول عصره الأفذاذ – ووصف شعره بأنه "جزل الألفاظ متخيرالكلمات، لا يجد مشقة في الأوزان، ولا في اختيار القوافي..". ثم ختم تقديره إياه بما ورد في نهاية البحث من اعتبار مدائحه إرهاصا لظهور المدائح الدينية بصورتها الضخمة.. وأن شعره في الشكوى كان ينبوعا استقى منه أمثال المتنبي..الخ.
والذي نراه أن في النماذج التي عرضها الدكتور من مدائح الصولي وشكاواه ما يعكس الحكم، إذ نرى الشاعر في معظم هذه الشواهد – منهوك الطاقة، تخونه الألفاظ والمعاني والقوافي، فتأتي تعابيره قلقة تشكوحيرتها وغرتها.. ومن حيث المعاني لا نكاد نجد فيها جديدا بل ربما أمكن ردها إلى الكثير من أقاويل الشعراء من معاصريه وسابقيه، مع تفاوت كبير في عفويتهم وتكلفه البالغ حد العجز. – اللهم إلا أبياتا قليلة لا تكاد تنجو من التهافت -.
ثم كلمة أخيرةوهي أن الدكتور يقرر أن الصولي – في مدائحه – لم يكن شاعرا محترفا يبغي أجرا.. ونسي حفظه الله ما أسلف هو من حكم عليه بأنه دائم الاستجداء إلى حد الذل! وماذا يبقى لشاعر من كرامة بعد قوله لممدوحيه:
ما في عبيدك إن فتشت أمرهم ... أقل مني في رزقي وفي نشبي
ومعذرة للصديق العزيز مع خالص التقدير لجهوده المشكورة..
المجذوب