أثرها وقيمتها، ومكانها من الأدب عامة ومن الشعر خاصة، ولتحديد مفهومها لا بد أن نوضح بإيجاز قضية الشكل والمضمون، لكي نعرف موقع الصورة منها. تعد هذه المشكلة من أهم قضايا النقد الأدبي الحديث، وكانت في النقد القديم تسمى قضية اللفظ والمعنى، وهي المشكلة التي أثارها الجاحظ، إذ شايع اللفظ ردًّا على عناية أبي عمرو الشيباني وأضرابه بالمعنى، فأصبح لكل من اللفظ والمعنى بعد ذلك أنصار، وقامت على أنقاضهما قضية النظم وأصبح لها أيضًا أنصار.
تلك هي مشكلة اللفظ والمعنى في النقد القديم قد وضحناها، وكشفنا عنها النقاب بقدر حاجة البحث إلى ذلك، وجاء النقد الحديث، ليخوض هذه التجرة في تيار عنيف، وهي التجربة الحية في مشكلة اللفظ والمعنى، أو الشكل والمضمون، أو الصورة والمحتوى.
ودراسة هذه القضية ضرورية في مجال الأدب والشعر؛ لأنها توضح جوهر الأدب وروحه، وتميز بينه وبين الرياضة والكيمياء، والطبيعة وغيرها من العلوم، التي تختلف في جوهرها وطبيعتها عن الأدب.
وأعظم التيارات التي أدت إلى إثارة المشكلة هي البحث عن القيم في العلوم والآداب ومدى النفع والخير فيها، ودرجة الفضيلة والإمتاع فيها، وغير ذلك مما يعود بالإصلاح والإمتاع، ويترتب على ما سبق: البحث عما تهدف إليه العلوم والآداب وأغراضها.
ومعلوم أن الغاية في العلوم هي ما تقدمه للبشرية من وسائل التقدم والحضارة، وتساعد بنظرياتها الدقيقة على رقي الإنسان وسموه، وأصبح لا خلاف في أن المضمون هو جوهر العلوم وروحها، ولا يهتم العالم أن يعرض نظرياته في أسلوب