سبق أن قلنا: إن النقد العربي القديم، قطع شوطًا مضنيًا وشاقًّا لتحديد مفهوم الصورة الأدبية، وساعد على ذلك شغل النقاد الشاغل ببحث قضية اللفظ والمعنى، وعن الصورة تعرفوا على معظم خصائصها، وبعضهم كالإمام عبد القاهر الجرجاني مثلًا عني بتحليل صور أدبية كثيرة، وبيان مصادر الجمال فيها، فدل بذلك على حسن ذوقه الأدبي، وأصالته ودقته.
وجاء دور النقد الحديث في بحث الصورة والتعرف على خصائصها، وأثرها في النفس، وقد استعانوا في نشاطهم النقدي برافدين أساسيين هما:
أولًا: الجهود التي قام بها النقاد العرب في النقد القديم، وكانت تمثل المراحل الأولى، وتكشف عن أصالة اللغة العربية في توضيح مفهوم الصورة الأدبية.
ثانيًا: النقد الأدبي الغربي، بما فيه صراع بين مذاهبه الأدبية المختلفة وأثر هذه المذاهب في تحديد مفهومها، حسب روح كل مذهب وأهدافه.
والعامل الثاني: وإن كان له أثره الذي لا ينكر في نقدنا العربي الحديث، إلا أنه بمذاهبه المختلفة غير المستقرة، التي تتجدد من وقت لآخر، تجعلنا لا نطمئن إلى حكم دقيق، في تحديد مفهوم الصورة الأدبية، من وجهة نظر أصحاب المذاهب النقدية في العرب.
وقد استطاع النقاد المعاصرون بنشاطهم النقدي توضيح الصورة وتعميق جوانبها المختلفة، وألبسوها ثوبًا جديدًا لم يكن في النقد العربي القديم، فشخصوا