ومع تقديره لقيمة الخيال في الشعر إلا أنه في تحديد مفهومه يخلط بينه وبين الوهم، فكلاهما له أثره في الصورة الأدبية الحديثة.
ويزداد الأمر وضوحًا عند الإمام حينما يفرق بين التخييل1 والاستعارة، وكلاهما من ألوان الخيال في الصورة "وجملة الحديث الذي أريده بالتخييل ههنا ما يثبت فيه الشاعر أمرًا هو غير ثابت أصلًا، ويدعي دعوى لا طريق إلى تحصيلها، ويقول قولًا يخدع فيه نفسه، ويريها ما لا ترى.
أما الاستعارة فسبيلها سبيل الكلام المحذوف، في أنك إذا رجعت إلى أصله ووجدت قائله، وهو يثبت أمرًا عقليًّا صحيحًا، ويدعي دعوى لها شبح في العقل، وستمر بك ضروب من التخييل هي أظهر أمرًا في البعد عن الحقيقة تكشف وجهه في أنه خداع للعقل وضرب من التزويق"2.
فهو يرى أن التخييل في قولهم: فلان يقدم رجلًا ويؤخر أخرى للإنسان المتردد أمر غير ثابت؛ لأنه دعوى باطلة، يمكن تحصيلها وتحقيقها، وأنه خادع للنفس؛ لأنها ترى غير الحقيقة فيها. كما يرى أن الاستعارة دعوى لها شبح في العقل.
وفي هذا يربط الإمام ألوان الخيال بالعقل، ويقيسه بالحقيقة، ويرى أنه وهم وخداع للنفس، ودعوى باطلة وشبح وغير ذلك من الأوصاف المبتورة، التي إن كشفت عن جانب من مفهوم الخيال في الصورة، فلا تكشف عن الجوانب الحية فيه، بل الخيال كالعقل، لكن لغته الصور المحسة من تخييل واستعارة، وتشبيه وكناية وغيرها والإمام يجعله أشباحًا وصورًا لا صلة لها بالإحساس، تخدع