إن الأمر يحتاج إلى دقة وتحديد، ولعل غموض الصورة هو الذي دفعهم إلى هذا الخلط، ومن تحدث منهم عن عناصر الصورة أهمل ذكر مصادرها، لتتميز عنده عن العناصر؛ لأن الناقد لم ينص عليها صراحة1.

ولست مدعيًا أنني سأبتكر المنابع في ذاتها؛ لأن هذا ليس بمعقول أبدًا في أي نشاط إنساني أو أدبي أو علمي، ولكن غاية ما أستقل به أن أحدد المعالم وأضع الشيء في مكانه، وأذكر قيمته وأهميته في تكوين الصورة الأدبية.

فأما المنابع فهي:

أولًا: اللفظ الفصيح الذي يتناسب مع الغرض والعاطفة، ويطمئن إلى مكانه من التركيب أو النظم سواء أكان هذا اللفظ حقيقة أو مجازًا، والحقيقة منزلتها من الصورة حينًا كما للمجاز أحيانًا.

ثانيًا: الخيال بألوانه الخلابة الكثيرة كالاستعارة والتشبيه والكتابة والتمثيل والمجاز المرسل وحسن التعليل، والتجسيم والتشخيص وغير ذلك فبابه واسع ودقيق.

ثالثًا: الموسيقى بأنواعها المختلفة: من اللفظ الرشيق، الذي خفت حروفه على الأسماع وحلت في اللسان، وانسجم بعضها مع بعض، ومن العبارة التي تلاقت ولم تتنافر وتآخت ولم تتجاف فعزفت الكلمات والحروف أروع معزوفة موسيقية، ومن التراكيب في التئام والتحام، وتكونت أنغام فوق أنغام من الجناس والطباق والمقابلة والمزاوجة والتقسيم مع الجمع، والتشبيه المتعدد والمركب ثم الوزن والقافية.

رابعًا: النظم والتأليف سواء أقام على الحقيقة أو قام على الخيال فالنظم المجرد من الخيال يعد مصدرًا من مصادر الصورة أيضًا كالقائم عليه تمامًا بالتفصيل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015