واللفظ في الأسلوب حينما يأخذ مكانه منه، ومما قبله وبعده يحمل شحنات قوية بإيحاءات وأضواء يتراقصن جميعًا بالنغم الذي يحدثه وقع الألفاظ المشدودة بعضها إلى بعض، لتؤلف في النهاية لحنًا موحدًا في لوحة فنية رائعة من الفن الأدبي الرفيع، وتلك اللوحة هي الصورة الأدبية التي اتخذت مكانها من الأسلوب الأدبي وقد جاء على غير مثال.
منابع الصورة الأدبية:
منابع الصورة هي تلك المصادر التي تمتد في جوانبها، وهذه الروافد التي تنتهي إليها لتتجمع في تشكيل متماسك، ونظم مترابط، وتشع منها خيوط تتماوج فيها الألوان والظلال، في تتابع وتدفق، الحركة تلو الحركة في انسجام منغم، وإيقاع رتيب. ومنابع الصورة كأمطار السماء المتدفقة من كل صوب حين تتجمع على سطح الأرض، فتتحول إلى أشرطة نورانية، تشق الأرض من كل حدب، وتنعكس على صفحاتها ألوان الشمس، ممتزجة بظلال الأشجار، فتميس على أنغام البلابل، وتشيع جوًّا من الجلال والرهبة لا خوفًا ولكن حبًّا وعشقًا.
والصورة أيضًا كالشمس تستمد منابع الضوء فيها والحرارة من براكين نارية وتفاعلات كيماوية تنعقد في القرص الكوكبي، ويتبع منها خيوط تنسحب عليها قطع الغمام وقطرات المياه فتتحول إلى أطياف، تتجاوب فيها الألوان والأضواء والظلال مع أصداء الرياح، واصطكاك السحاب بعضه مع بعض لتحقق القوة والحياة والجمال والجلال.
تلك هي صلة الصورة بمنابعها ومواردها، وظن كثير من النقاد أن هذه هي عناصر الصورة الأدبية، ولو كان الأمر كذلك فماذا يقولون في الحركة واللون والحجم والشكل مما سأذكره عن عناصرها بعد ذلك.