ثم يعلن بعد ذلك أنه بعمله هذا من المخلصين في تعقيده للصورة الأدبية. فلا تعود طلاء أو عنصرًا إضافيًّا، محسًّا، إن الصورة هي ثراء الفكر، وتعقد التجربة، بحيث لا يظل هذا التعقد متميزًا طاغيًا على القصيدة ولا أغالي فالصورة لم تكتمل لها السيادة التامة على "المعنى"، والتفكير الاستعماري الدقيق لما يحل محل "الفكرة". "وما تزال هناك أشواط لنتخلص من التشبيه والاستعارة من حيث هما مظهران لنوع من التدبر التحليلي التفسيري.. إن الشعر كله يستعمل الصور ليعبر عن حالات غامضة، يستطاع بلوغها مباشرة، أو من أجل أن تنقل الدلالة الحقة لما يجده الشاعر"1.

إنها طلاسم تحتاج في التعرف عليها إلى مثلها من معاجم الغموض عند الباحث، وإذا كانت الصورة عنده هي ثراء الفكر، فكيف لا تحل عقد التجربة؟ وكيف لا تكون لها السيادة على المعنى؟ وكيف لا تعبر عن الحالات الغامضة؟ وكيف لا تنقل الدلالة الحقة؟ لما يجده الشاعر في نفسه بأنها ألغاز وأحاجي وأفكار فلسفية غريبة استبدت بعقله ولم تنضج بعد ليفرغها في أوضح عمل فني وأقواه في الكشف عن معناه ومغزاه، وهي الصورة، وقد علق أحد الباحثين عليه بقوله: أراد أن يوضح معنى الصورة فأعطاها مصطلحات -في نظره- تحتاج إلى توضيح أكثر من وضوح الصورة2.

وإذا عدنا إلى إيضاح مفهوم الصورة نراه يحتاج إلى تفصيل أكثر، فالتفاحة التي رآها الشاعر، وتعرف على خصائصها ومقوماتها على حد المثل السابق للدكتور غنيمي هلال، ثم انصرف عنها ورأى غيرها وهكذا، وما في نفس

طور بواسطة نورين ميديا © 2015